من علم التفسير بلا ريب؛ لأنه لا يتم فهم المعنى إلا بفهم الحكم الشرعي المنصوص عليه، أما ما عدا ذلك من الاستنباطات أو تفصيل مسائل الفروع في باب من أبواب الفقه فهذا ليس من مهمة المفسر، ولا هو من صلب التفسير، ولا هو مما يحسن إدخاله في كتب التفسير.
الكتب التي ذكرها المؤلف مختصة بأحكام القرآن فقط، فهم يأخذون الآيات التي فيها أحكام ويناقشون أقوال الفقهاء فيها، والراجح منها، كلٌّ على مذهبه، والمذكورون كلهم مالكية، و «أبو الحسن كباه» هذا لا أعرفه (١)، أما البقية فهم معروفون، فـ «إسماعيل القاضي» (ت٢٨٢هـ) من علماء المالكية المتقدمين، وطبع جزء صغير جداً من كتابه «أحكام القرآن»، أما «ابن العربي» (ت٥٤٣هـ) فكتابه مشهور وهو مطبوع، أما «ابن الفرس» (ت٥٩٧هـ) فقد طبع كتابه مؤخراً في ثلاث مجلدات.
_________
(١) كذا ورد في المطبوع الذي بين يدي، ثم رأيت تحقيق الأستاذ الدكتور محمد بن سيدي محمد مولاي، وقرأه (أبو الحسن إلكيا)، وهو إلكيا الهراسي (ت: ٤٥٠)، وكتابه في أحكام القرآن مطبوع، ولا أدري لماذا لم يعلِّق المحقق الفاضل على هذا الموطن، فالنسخ مختلفة في كتابته.
وإن كان اعتمد على ما كتبه الدكتور علي بن محمد الزبيري في كتابه (ابن جزي ومنهجه في التفسير ص٧٠٨)، فإن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد تحرير؛ لأني وجدت أن ابن فرحون في (تبصرة الحكام) يذكره باسم (كباه)، يقول: «قَالَ تَعَالَى: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٣]، قَالَ ابنُ الْفَرَسِ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ كَبَاهْ لَمَّا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بالسِّيمَا، حَالٌ يَظْهَرُ عَلَى الشَّخْصِ، حَتَّى إذَا رَأَيْنَا مَيِّتاً فِي دَارِ الاسْلاَمِ وَعَلَيْهِ زُنَّارٌ وَهُوَ غَيْرُ مَخْتُونٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الدَّارِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠] وَوَرَدَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صلّى الله عليه وسلّم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ».
هذا، والذي في المطبوع من كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (قال ابن الحسن)، ولم يذكر (كباه).
وهذا النقل الذي ذكره ابن فرحون عن ابن الفرس موجود في كتاب (أحكام القرآن) لإلكيا الهراسي (١: ٢٣٠)، وهذا يدعو إلى تحقيق هذه التسمية، هل هي خطأ أو هو مما يُعرف به الكيا، وخفي علينا؟.