اعتمد المؤلف في الترجيح على الوجه الخامس، وهو: أن يدل على صحة القول كلام العرب من اللغة والإعراب أو التصريف أو الاشتقاق.
السبب العاشر: احتمال حمل الكلام على الترتيب وعلى التقديم والتأخير:
ويقابله في وجوه الترجيح الوجه الثاني عشر: «حمل الكلام على ترتيبه، إلاَّ أن يدل الدليل على التقديم والتأخير».
وعِلْم المقدم والمؤخر على نوعين:
١ - نوع يرتبط بعلم البلاغة.
٢ - ونوع يرتبط بالمعنى والتفسير.
والكلام الذي يناقشه المؤلف في سبب الاختلاف وما يقابله من وجوه الترجيح هو مرتبط بالمعنى والتفسير وليس بالبلاغة.
أما مثال ما يتعلق بالبلاغة عند المؤلف ففي قوله: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ [الكهف: ٧٩] يقول: «وفي كلامه تقديم وتأخير؛ لأن قوله: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ مؤخرٌ في المعنى عن ذكر غصبها؛ لأن خوف الغصب سببٌ في أنه عابها، وإنما قُدِّمَ للعناية به» (١)، فهذا التقديم ليس له أثر في المعنى بل هو مرتبط ببلاغة الكلام فقُدِّم المؤخر للعناية به.
أما النوع الثاني: فهو المتعلق بالتفسير، ومن أمثلته من كلام المؤلف في قوله: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ [غافر: ٢٨] «فقوله: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ صفة للمؤمن، وقيل: كان من بني إسرائيل» فقوله: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ على هذا يتعلق بقوله: ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ ـ يعني: يكتم إيمانه من آل فرعون ـ ثم قال: «والأول أرجح؛
_________
(١) التسهيل (تحقيق الخالدي) ١/ ٤٧٢.