ضَبْحًا} فقال: سألتَ عنها أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت عنها ابن عباس، فقال: الخيل حين تغير في سبيل الله، قال: اذهب فادعه لي؛ فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به، والله لكانت أول غزوة في الإسلام لَبدر، وما كان معنا إلا فَرَسان: فرس للزبير، وفرس للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحاً! إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى مزدلفة إلى منى؛ قال ابن عباس: فنزعت عن قولي، ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه».
وبعد، فهذه الوجوه والاحتمالات الواردة على عبارته، لكن الأول والثاني غير واقعين إطلاقاً، أما الثالث والرابع والخامس والسادس فهي واردة في التفسير.
وسبب الاختلاف بين المفسرين في هذا المقام هو الاختلاف في المصدر، فمنهم من كان مصدره التفسير النبوي المباشر، ومنهم من اعتمد على حديث نبوي لم يكن وارداً في تفسير الآية مباشرة، ومنهم من اعتمد على اللغة، إلى غير ذلك مما قد يظهر للباحث.
ومن أمثلة اختلاف المفسرين بسبب اختلاف المصدر ما ورد في تفسير قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢]، فقد ورد عن ابن عباس (ت٦٨هـ) وتلاميذه: «تكشف القيامة عن كرب وهول» (١)، ومصدرهم فيه هو اللغة، وفسَّر آخرون الآية اعتماداً على الحديث النبوي الوارد في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «يكشف ربنا عن ساقه».
ويمكن أن نقول: إن سبب الاختلاف بالنسبة لنا هو اختلاف الرواية عن السلف.
فإن قال قائل: هل ابن عباس يعرف حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم؟
_________
(١) انظر: تفسير الطبري، تحقيق التركي ٢٣/ ١٨٧.


الصفحة التالية
Icon