قوله: (ويتلوهما عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكل ما جاء من التفسير عن الصحابة فهو حسن).
إن كان المراد بالفقه في التفسير، فتمييز ذلك صعب، وإن كان من باب عدد المروي، فقد سبق أن المروي عن ابن مسعود أكثر من المروي عن علي.
أما زيد بن ثابت (ت٤٥هـ) فالروايه عنه في التفسير قليلة جدّاً، وقد اختص بعلمي «القراءة والفرائض»، وقد يكون الصحابي عالماً في جانب من العلوم الشرعية ويجعله بعض المتأخرين عالماً في علوم أخرى لم تشتهر الرواية عنه فيها، ونحن لا نثبت ولا ننفي، لكنا لا نجد روايات كثيرة لزيد بن ثابت، ولا لعبد الله بن عمر (ت٧٣هـ)، ولا لعبد الله بن عمرو، فالمنقولات في التفسير عن هؤلاء الثلاثة قليلة جداً.
ولا خلاف في كون هؤلاء الثلاثة من علماء الصحابة، لكن لم يشتهر عنهم أنهم تصدوا للتفسير، وهذا لا ينفي عنهم العلم وإنما ينفي عنهم مسألة التصدي للتفسير.
قوله: (وكل ما جاء من التفسير عن الصحابة، فهو حسن).
وذلك لاحتمال أن يكون الصحابي سمع التفسير من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإن لم يكن سمع التفسير عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فقد شاهد التنزيل وأحواله، وعرف النبي صلّى الله عليه وسلّم وسنته وأحواله، وعرف أحوال من نزل فيهم الخطاب، وهو صاحب اللغة التي نزل بها القرآن، وهذه المقومات تجعل فهمه وإدراكه للمقاصد والمعاني أكثر من فهم غيره.
وهذه مسألة عقلية لا يصحُّ الجدل فيها، إذ لو تصورنا ـ مثلاً ـ أن كتاب «الشعر» لأرسطو قد شرحه أحد تلاميذه، وبيَّن مقاصد شيخه في هذا الكتاب، ثم جاء متأخر من المعاصرين وقال: أخطأ تلميذ أرسطو