«استخرجت من الكشاف اعتزالاً بالمناقيش» (١) ولأجل هذا صار يُنظر إلى كلامه بريبة، ويُظنُّ أنه أرد ببعض عباراته نصرة مذهبه الاعتزالي، وذلك مثل ما وقع في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران: ١٨٥] قال: «فقد حصل له الفوز المطلق المتناول لكل ما يفاز به ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط الله والعذاب السرمد، ونيل رضوان الله والنعيم المخلد» (٢)، وفي عبارته هذه ما يشعر بأن دخول الجنة هو الفوز المطلق، وبأنه ليس وراء دخول الجنة فوز آخر، وباطن هذه العبارة إنكار رؤية الباري التي هي أعظم الفوز.
وهذا التفسير قد كثرت الدراسات عليه قديماً، وقد اعتنى به العلماء، وقرؤوه مع طلابهم، وأكثر من اعتنى به علماء الماتريدية والأشاعرة، وهم يتعقبونه في مسائل الاعتقاد، وهناك من اعتنى به من جهة البلاغة، وفي ذلك حواشي نفيسة كحاشية القزويني، وحاشية الطيبي.
والزمخشري له كشَّافان: «الكشَّاف القديم» ولكنه غير موجود و «الكشاف الجديد» وهو مطبوع، وكتبَه وهو مجاور في بيت الله كما قال: «في مقدار مدّة خلافة أبي بكر» (٣)، أي: في سنتين وستة أشهر تقريباً.
قوله: (أما الغزنوي، فكتابه مختصر، وفيه من التصوف نكت بديعة).
وقع في بعض نسخ المخطوطة «القونوي»، والصواب الغزنوي، وقد ذكر نقولاً عنه في تفسيره، ونصَّ على ذلك في مواضع منها تفسير
_________
(١) الإتقان في علوم القرآن، النوع الثمانون طبعة مجمع الملك فهد ٦/ ٢٣٤٥.
(٢) الكشاف ١/ ٤٧٧.
(٣) الكشاف ١/ ٤٤.