الأول: إذا أراد أن يخرج من عهدة القول.
الثاني: إذا أراد أن ينصر القول؛ لأن قائل هذا القول إمام معتبر فهذه قاعدته في التصريح بالأسماء.
ثم علَّل سبب عدم تصريحه بالأسماء، فقال: (على أني لست أنسب الأقوال إلى أصحابها إلا قليلاً؛ وذلك لقلة صحة إسنادها إليهم، أو لاختلاف الناقلين في نسبتها إليهم).
أوجز المؤلف قضية اختلاف الناقلين في نسبتها إلى أصحابها وهي تحتاج إلى تأمل، والظاهر من العبارة أنه يقصد مفسري السلف؛ لأن غيرهم من العلماء كالطبري (ت٣١٠هـ) أو ابن عطية (ت٥٤٢هـ) وغيرهم إن نَسَبَ إليهم شيئاً فسينظر في كتبهم التي بين يدينا ويعرف صحته من عدمه، لكن الذين قد لا يصح الإسناد إليهم، أو يكون للواحد منهم أكثر من قول، هم مفسرو السلف، وهذا يدل على أن عنده مشكلتين تحفَّان ببعض تفسيرات السلف:
الأولى: قلة صحة الإسناد إليهم.
الثانية: اختلاف الناقلين في نسبتها إليهم.
وهاتان المشكلتان تحتاجان إلى نظر آخر غير ما ذكره الإمام ابن جزي رحمه الله، وهو:
أولاً: إن ما يتعلق بصحة الإسناد لم يكن مشكلة جوهرية عند المفسرين، فلم يتوقف ابن جزي أو من قبله أو بعده من المفسرين من الاستفادة من مرويات السلف بهذه الأسانيد التي فيها ما هو ضعيف وليس باطلاً أو موضوعاً، وأخذوا منها بيان معاني القرآن، ورجحوا بها أقوالهم على أقوال المتأخرين، والمقصود أن قضية صحة الإسناد في آثار السلف في التفسير لا تمثل مشكلة كبيرة؛ بدلالة أن علماءنا منذ القرن الثاني ومن بعده لم يتوقفوا في هذه الأسانيد وقبلوها وعملوا بما فيها مع


الصفحة التالية
Icon