يكن يُحكى الشذوذ بين الصحابة في قراءاتهم المختلفة، وإن كان قد يقع بينهم استدراكات على قراءة بعضهم.
٢ - بعد نسخ المصاحف ـ في عهد عثمان ـ من مصحف أبي بكر، وقع إلزام الناس بوجوه القراءة الثابت بقاؤها في العرضة الأخيرة، وأمر عثمان بطرح ما سواها، ولذلك أمر بحرق المصاحف.
ومن هنا بدأ تبيُّن القراءة المقبولة من القراءة غير المقبولة.
٣ - بقي بين يدي الناس بعض القراءات التي تسللت عبر روايتها إما مفردة، وإما كاملة كـ «القراءات الأربع»، وهذه القراءات حكم العلماء عليها بالشذوذ لأحد أسباب أشار إليها المؤلف؛ كأن تخالف رسم مصحف عثمان، أو أن تكون منقولة بطريقة أقلَّ من الطرق المشهورة، وغالب ما يقع عليه أحد هذين الوصفين فإن العلماء لا يتلقونه بالقَبول.
والمؤلف قد أشار إلى ذلك في قوله: (ولا يجوز أن يقرأ بحرف إلا بثلاث شروط:
١ - موافقته لمصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه.
٢ - وموافقته لكلام العرب ولو على بعض الوجوه أو في بعض اللغات.
٣ - ونقله نقلاً متواتراً أو مستفيضاً).
إن كان يقصد بالشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، فإن بعض هذه المذكورات فيها نظر من جهة تسميتها بالشروط، وإذا ورد النقل المتواتر أو المستفيض، فإن الشرطين المذكورين قبله تبع له، ذلك أن الأصل في ثبوت القرآن هو الحفظ القلبي (١)، والرسم إنما هو زيادة في الضبط، بحيث لو تُصُوِّر عدم
_________
(١) يقول ابن الجزري: «ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على حفظ المصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة». النشر في القراءات العشر ١/ ٦.


الصفحة التالية
Icon