هذا المصطلح، وإلى تحرير المراد به في كل علم، وإلى استبداله بما يتناسب مع طبيعة كل علم، بحيث لا يبقى غامضاً موهماً، وتُحمَّل بعض القضايا العلمية عليه، وهي لا تحتمله أصلاً، إذ كم هُدم من معلومات بسبب القول به على اصطلاح المتكلمين.
وقضية التواتر في القراءات فيها إشكالية من جهة أن في الأسانيد التي تنسب إلى القراء أفراداً، فحمزة (ت١٥٦هـ) قد ينفرد ـ مثلاً ـ ببعض الألفاظ، فهذا التي انفرد به تعدُّ آحاداً؛ ولهذا إذا أردنا أن نتعامل مع القراءات بأسلوب مصطلح التواتر الموجود في كتب أصول الفقه سنصطدم بمثل هذا الأمر.
والأولى أن ننظر في القراءات نظراً تاريخياً، فهؤلاء السبعة لا نجد أحداً من العلماء المتخصصين يخالف في أن قراءاتهم كانت مشهورة، ومتلقاة بالقبول عندهم، وهذا يعني أن العلماء ارتضوها بضابط الشهرة وضابط القبول، وهذان الضابطان صحيحان.
وإذا نظرنا إلى بعض القراءات تاريخياً، فإننا سنجد بعضها مشتهرة لكنها غير مقبولة؛ كالقراءات الأربع المتممة للعشر.
لكن لا يمكن أن تكون مقبولة وهي غير مشتهرة، وعندي أن ضابط الشهرة أدق من ضابط التواتر، فالقراءة المقبولة هي التي اشتهرت وتلقاها العلماء بالرضى والقبول، فابن مجاهد (ت٣٢٤هـ) لما اختار هؤلاء السبعة لم يخالفه أحد في الاختيار مما يدل على أن الأئمة السبعة قد اتفقت الأمة على إمامتهم وأنهم أهل لنقل القراءة، وما أضيف فيما بعد إليهم يكون داخلاً ضمن قراءاتهم، وهو قليل، وقد تلقته الأمة بالقبول.
ومن تأمَّل تاريخ القراءات، واعتمد على المصطلحات التي يذكرها علماء القراءات المتقدمين، لا يجد لفظة «تواتر»، وإنما يجد «قراءة