قال: «إن هذا مجاز باتفاق» (١)، فقوله: إن المجاز موجود باتفاق، ليس بصحيح؛ لأن هناك من خالف في وقوع المجاز، ولهذا قوله: (واتفق أهل العلم واللسان وأهل الأصول على وقوع المجاز في القرآن)، رأي له، لكن المخالف لا يرى أنه مجاز بل هو حقيقة عنده، والمؤلف يرى أنه لا يوجد مخالف في ذلك، والحقيقة أنه يوجد مخالف، وكون المخالفين أقل من المجيزين، فإن هذا لا يمنع من اعتبار رأيهم لا سيما أنهم جبال في العلم مثل ابن خويز منداد (ت٣٩٠هـ) من المالكية وغيره، وتبعه من العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية (ت٧٢٨هـ)، ثم تلميذه ابن القيم (ت٧٥١هـ)، ثم من المعاصرين الشيخ محمد الأمين (ت١٣٩٣هـ) رحمهم الله تعالى جميعاً.
أما ما يتعلق بأصل الوضع في الحقيقة ثم النقل إلى المجاز فهي قضية تاريخية تحتاج أن تثبت، وهذا من الحجج التي رد بها المانعون للمجاز، فما هو الدليل التاريخي على أن المراد بالكتاب: المكتوب والمسطور في الكتب، فقد يكون أصل المادة هو الجمع، وسمي المكتوب كتاباً؛ لأن فيه معنى الجمع.
والمجيزون يقولون: عندنا قاعدة وهي أن المجاز إذا شاع استعماله صار حقيقة، ومما يدل على الحقيقة أن الذي يتبادر إلى أذهان الناس كما في الكتاب أنه المكتوب، وكوننا لا نعرف أصل الكلمة لا يمنع من وجود معنى أغلبي يمكن أن يتفق عليه كثير من علماء اللغة فيكون هو المعنى المراد، وهذا ليس فيه إشكال، والإشكال في تسمية انتقال استعمال الكلمة من معناها المشهور إلى معنى آخر هل يسمى حقيقة أو مجازاً؟
أهل المجاز يسمونه مجازاً، وأهل الحقيقة لا يسمونه مجازاً بل
_________
(١) التسهيل (تحقيق الخالدي) ١/ ٧٠.