تنبيهات:
الأول: عدم الأخذ بالمجاز في أسماء الله وصفاته والغيبيات لا يعني عدم الأخذ به أيضاً في تفسير كلام الله، فإن حمل قوله تعالى: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧] على المجاز لا يورث مشكلة من جهة المعنى، وليس فيها تحريف لكتاب الله، فإذا قيل: الجدار ليس له إحساس، والإرادة من عمل العقلاء فهذا صارف له عن الحقيقة، فإن هذا لا يؤثر على المعنى، بخلاف القول بالمجاز في أسماء الله وصفاته؛ لأنه ينفي معانيها ودلالاتها عن اللائق بها.
الثاني: معرفة الحقيقة من المجاز يكون بكثرة الاستعمال في الحقيقة، أو يكون هو المتبادر للذهن، فإذا قلت كلمة «عين» فإن أول ما يتجه الذهن إليه هو العين الباصرة.
وكون العين وضعت في اللغة الأولى للعين الباصرة، فإنه يرجع إلى مسألة أصل اللغات أي: هل اللغة توقيفية أو اصطلاحية؟ لكن الذي يدل عليه الدليل النقلي أن أصل اللغات توقيفي ثم دخله الاصطلاح، ولذلك أدلة:
١ - أن هذه الألفاظ العربية منطوق بها في السماء، فإن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم عليه السلام ونفخ فيه الروح، عطس آدم، فقال: «الحمد لله، فقال له ربه: رحمك الله يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى نفرٍ منهم وسلِّم عليهم، فلما ذهب قال: السلام عليكم، فردوا عليه: وعليكم السلام ورحمة الله» (١).
٢ - قضية الاشتقاق، فآدم لفظ مشتق؛ إما من الأُدْمَةِ وهي السُّمرَة
_________
(١) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير من حديث أبي هريرة، ورقم الحديث (٣٣٦٨)، وقال عنه: حسن غريب، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح.