قوله: (الثاني عشر: القلب، وهو أن يكون الكلام يصلح ابتداء قراءته من أوله وآخره؛ نحو دعد، أو تعكس كلماته، فتقدم المؤخر منها وتؤخر المقدم).
هذا نوع لم يكن العرب يعتدُّون أو يحتفون به، وإنما أخذ به بعض علماء البلاغة المتأخرين الذين حرصوا على علم البديع وغيره، ومما يمثلون به في ذلك قوله: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ﴾ [الأنبياء: ٣٣] تقرأ من أولها كما تقرأ من آخرها بالقلب ولا تختلف (١)، وهذا من الإغراق في التلغيز، ولا يمكن أن يكون من مرادات الله، ولا هو مما يُعنى به أهل البلاغة الحقة، ولا هو مما يؤثر في المعنى، لكن هذا الموضوع مما اعتنى به بعض الشعراء والمعتنون بالبلاغة من المتأخرين حيث كانوا يُجْهِدون أذهانهم ليخرجوا مثل هذه الأبيات أو الخطب الطويلة التي تقرأ من الأعلى إلى الأسفل وتقرأ من الأسفل إلى الأعلى ولا تختلف، مثل قول الشاعر (٢):
مودتُهُ تدومُ لكُلِّ هَوْلٍ | وهلْ كُلٌّ مَوَدَّتُهُ تدومُ |
هذا ليس فيه شيء من البلاغة؛ لأن من الطبيعي أن الشيء إذا كان له أنواع أو أجزاء وأريد ذكرها أن تذكر أقسامها وأجزاؤها.
قوله: (الرابع عشر: التتميم، وهو أن تزيد في الكلام ما يوضحه أو يؤكده، وإن كان مستقلاً دون هذه الزيادة).
التتميم لزيادة التأكيد، وهذا لا شك أنه يوجد في القرآن، لكن ننبه إلى أن حذف هذا الكلام ينقص المعنى الدقيق المراد، أما قول المؤلف:
_________
(١) يلاحظ في هذا عدم العناية بالإعراب، وإنما المراد الألفاظ، ويتركب الإعراب على حسب وجوده في الجملة الأولى، ولو كان للإعراب أثر عند من يقول بمثل هذا لما سلِم له إلا القليل من الأمثلة.
(٢) هو القاضي الأرجاني، انظر: خزانة الأدب للحموي ٢/ ٣٧.