ثانياً: لم يكن كل الصحابة يعلمون ترتيب السور عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لذا اجتهد من كتب منهم مصحفاً خاصّاً بترتيب خاصٍّ عنده.
٢ - من أدلتهم: استدلوا بقراءة النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاته في قيام الليل فقرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران (١)، فخالف الترتيب.
والجواب أن يقال:
إن هذه المخالفة فيها احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يكون ذلك منه صلّى الله عليه وسلّم قبل معرفته بالترتيب.
الاحتمال الثاني: أن يكون صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يبين الجواز؛ أي: جواز مخالفة الترتيب في الصلاة، فيجوز للإنسان أن يقرأ (آل عمران) ثم (البقرة)، بدلالة أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم فَعَلَه (أي: مخالفة الترتيب)، وهذا هو التوجيه الصحيح لهذا الحديث.
أما قول بعضهم ممن يمنع القراءة بدون ترتيب بأن هذا الحديث منسوخ فهذا غير صحيح؛ لأن النسخ لا بد له من ناسخ، كما أن الحكم بالنسخ صعب، والصواب العمل بالحديث، وإعمال الحديث أولى من إهماله.
كما أنه لم يُذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى أو اعترض على أحد يقرأ بخلاف الترتيب؛ بدلالة أن الرجل الذي كان يقرأ في كل ركعة سورة ويقرأ سورة الإخلاص معها (٢)، فيحتمل أنه قرأ سورة الإخلاص وقرأ سورة بعدها، وبذلك يكون قد قرأ بغير الترتيب.
هذا، فضلاً على أنه قد أجمع المسلمون على تعليم القرآن في
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، ورقم الحديث (٧٧٢).
(٢) أخرجه البخاري، باب الجمع بين السورتين في الركعة، ورقم الحديث (٧٧٤).


الصفحة التالية
Icon