وذكر أن الذكر سمي به: إما لما فيه من ذكر الله، وإما لما فيه من التذكير والمواعظ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]، على أحد وجوه تأويل الذكر في هذه الآية.
أما الحديث عن السورة فقد أوجز فيه، ولم يعرِّف السورة، وإنما أشار إلى أنه يجوز في السورة من القرآن الهمز وترك الهمز يعني السورة والسؤرة، وهي بترك الهمز لغة قريش التي نزل بها القرآن.
والسورة لغة: بمعنى المنزلة الرفيعة، وهذا علو معنوي، أو من السُّور المحيط بالبناء؛ لأنه عالٍ، وهذا علو حسيٌّ، وكأن من جعلها من المنزلة الرفيعة نظر إلى ما لها من الرفعة والشأن، ومن جعلها من السُّور، إما أن يكون نظر إلى الرفعة، وإما أن يكون نظر إلى الإحاطة، فيكون مراده أن لها حدوداً ذات مبدأ ومنتهى تُعرف بها.
تسمية السور:
الأصل في تسمية سور القرآن أنها من النبي صلّى الله عليه وسلّم، أما المسمَّيات الموجودة الآن فإنها على ثلاث مراتب:
١ - منها ما ثبت تسميته عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
٢ - منها ما ثبت تسميته عن الصحابة، مثل ما ورد في صحيح البخاري أن سعيد بن جبير (ت٩٥هـ) قال: «سألت ابن عباس عن سورة الأنفال، فقال: تلك سورة بدر» (١)، فسماها ابن عباس سورة بدر.
٣ - منها ما ثبت عمَّن دون الصحابي بدءاً من التابعين إلى يومنا هذا، ومما يلحظ أنه يغلب عليها أن تسمى ببدايات السورة، مثل: سورة (لم يكن)، سورة (أرأيت)، سورة (عم) وهكذا، والاصطلاح على تسمية سورة باسم جائز؛ لأنه لم يرد نهي من النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، وما زال
_________
(١) صحيح مسلم، كتاب التفسير، ورقم الحديث (٣٠٣١).


الصفحة التالية
Icon