ولا تجد الذين بحثوا في علوم القرآن تعرضوا للتفسير بالمثال، وكونه لا يُعدُّ تخصيصاً، ولو نظرت إلى تفسير السلف لوجدت تفسير العموم بالمثال كثير عندهم، وسبب ذلك أن تفسير العموم بالمثال ليس من مباحث أصول الفقه، فلم يذكروه، ثم إن من كتب في علوم القرآن غفل عن ذلك، مع كثرة تطبيقاته في تفسير السلف.
هذا مثال من الأمثلة التي تدل على أننا لو بحثنا هذه العلوم التي لها علاقة بأصول الفقه من جهة علوم القرآن فسنظفر بأمثلة وموضوعات ومعلومات ليست موجودة في أصول الفقه، فاستقاء علوم القرآن من كتب أصول الفقه دون تحرير المسائل المختصة بالتفسير جعل في كتب علوم القرآن قصوراً (١).
الثالثة: هذه العلوم التي ذكرها منها ما لا يقوم التفسير إلا به فهو مما يحتاجه المفسر، ومنها ما يحتاج جزءاً منه، ومنها ما ليس له علاقة بالتفسير وإنما له علاقة بعلم آخر، وسيتبين ذلك بالتفصيل عند الحديث عن كل علم من هذه العلوم.
والمقصد أن من المهم لطالب علم التفسير ولمن يقرأ في علوم القرآن أن يتنبه للفروق بين الموضوعات وما الذي يحتاجه في حال التفسير الذي هو بيان معاني كلام الله؟ وما الذي يحتاجه بعد التفسير؟ فليس كل ما كُتِبَ في كُتُبِ التفسير يمكن أن يحكى لطلاب العلم؛ لأن فيه أشياء تعد فضلة، فهناك معلومات تكون مضافة لكتب التفسير وهي من المعلومات التي تأتي بعد التفسير، فما هو القدر الذي نحتاجه من هذه المعلومات؟
_________
(١) مما يحسن أن يوجَّه إليه الطلاب في البحوث التطبيقية أن يستخرجوا مسائل علوم القرآن من خلال كتب المفسرين، وأن يجتهدوا في استدراك المسائل المتعلقة بأنواع علوم القرآن مما لم يذكره علماؤنا السابقون رحمهم الله.