الفائدة الأولى: جمع كثير من العلم في كتاب صغير الحجم؛ تسهيلاً على الطالبين، وتقريباً على الراغبين، فلقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمَّنته الدواوين الطويلة من العلم ولكن بعد تلخيصها وتمحيصها، وتنقيح فصولها، وحذف حشوها وفضولها، ولقد أودعته من كل فن من فنون علم القرآن اللباب المرغوب فيه دون القشر المرغوب عنه من غير إفراط ولا تفريط، ثم إني عزمت على إيجاز العبارة، وإفراط الاختصار، وترك التطويل والتكرار.
الفائدة الثانية: ذكر نُكت عجيبة وفوائد غريبة قلَّما توجد في كتاب؛ لأنها من بنات صدري ونتائج فكري، ومما أخذته عن شيوخي رضي الله عنهم، أو مما التقطته من مستظرفات النوادر، الواقعة في غرائب الدفاتر.
الفائدة الثالثة: إيضاح المشكلات، إما بحل العُقَد المقفلات، وإما بحسن العبارة ورفع الاحتمالات وبيان المجملات.
الفائدة الرابعة: تحقيق أقوال المفسرين والتفرقة بين السقيم منها والصحيح، وتمييز الراجح من المرجوح؛ وذلك أن أقوال الناس على مراتب، فمنها الصحيح الذي يعوَّل عليه، ومنها الباطل الذي لا يلتفت إليه، ومنها ما يحتمل الصحة والفساد، ثم إن هذا الاحتمال قد يكون متساوياً أو متفاوتاً، والتفاوت قد يكون قليلاً أو كثيراً. وإني جعلت لهذه الأقسام عبارات مختلفة تعرف بها كل مرتبة وكل قول، فأدناها ما أُصرِّحُ بأنه خطأ أو باطل، ثم ما أقول فيه: إنه ضعيف أو بعيد، ثم ما أقول: إن غيره أرجح منه أو أقوى أو أظهر أو أشهر، ثم ما أقدم غيره عليه إشعاراً بترجيح المتقدم، أو بالقول فيه: قيل، كذا قصداً للخروج من عهدته.
وأما إذا صرحت باسم قائل القول فإني أفعل ذلك لأحد أمرين: إما للخروج عن عهدته، وإما لنصرته إذا كان قائله ممن يُقتدى به، على أني لا أنسب الأقوال إلى أصحابها إلا قليلاً؛ وذلك لقلة صحة إسنادها إليهم، أو لاختلاف الناقلين في نسبتها إليهم، وأما إذا ذكرت شيئاً دون حكاية قوله عن أحد؛ فذلك إشارة إلى أني أتقلده وأرتضيه سواء كان من تلقاء


الصفحة التالية
Icon