على الألفاظِ الاصطلاحيَّةِ التي ضُبِطَتْ بها العلوم بعد عهدهم.
ومن الأمثلةِ على ذلك، ما ورد في تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨]، قال عكرمةُ (ت: ١٠٥)، والحسنُ البصريُّ (ت: ١١٠)، وابن جريج (ت: ١٥٠): ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾، ثمَّ استثنى، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١]؛ يعني: عيسى والملائكة وعُزَير وكلُّ من عُبِدَ من الصالحينَ، وهو غيرُ راضٍ (١).
قال مكيُّ بن أبي طالب (ت: ٤٣٧): «وقد سمَّى جماعةٌ من المتقدمين هذا استثناءً، وليس كذلك؛ لأنَّ الاستثناءَ إنَّما يأتي بحرفِ الاستثناءِ، ولا حرفَ في هذا، فإنما هو تخصيصٌ وبيانٌ» (٢).
وهذا الاستدراكُ من مكيٍّ (ت: ٤٣٧) غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّه لا يرادُ بالاستثناءِ في هذا المثالِ الاستثناءُ في مصطلحِ النَّحويين، بل مرادهم: استثنى؛ أي: أخرجَ، والمرادُ أنَّهم خارجونَ عن حكمِ الآيةِ الأولى بهذه الآيةِ، وهو التَّخصيصُ والبيانُ الذي ذكرَه أبو محمد مكيُّ بن أبي طالبٍ (ت: ٤٣٧) (٣).
_________
(١) ينظر: تفسير الطبري، طـ: الحلبي (١٧: ٩٦).
(٢) الإيضاح لناسخ القرآن، لمكيٍّ، تحقيق: أحمد فرحات (ص: ٣٥١).
(٣) لم يكن هذا غائبًا عن مكيٍّ (ت: ٤٣٧)، فيما يظهر، إذ إنه بيَّنَ ذلك في تعليقِه على قول ابن عباسٍ في تخصيص قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١] بقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [المائدة: ٥]، قال مكيٌّ (ت: ٤٣٧): «وعن ابن عباس أيضًا أنه قال: «استثنى اللهُ منها نساءَ أهلِ الكتابِ فأحلَّهُنَّ بآيةِ المائدةِ». =