وقصَّةُ الذين خرجوا من ديارهم، وهم ألوف، خرجوا حذر الموتِ، فأماتهم الله، ثُمَّ أحياهم.
وقصَّة الذي مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها، فأماته الله مائة عامٍ ثُمَّ بعثه.
وقصَّة إحياء الطيور الميِّتةِ لإبراهيم عليه السلام.
إذًا، فليست هي القصةَ الوحيدةَ في هذا الشأنِ العجيبِ، وهو إحياءُ الموتى.
والذي يُمكنُ أن يُقال في مناسبةِ تسميتها بهذا الاسم ـ واللهُ أعلمُ ـ: أنَّ هذه السُّورةَ من أوائلِ السُّورِ المدنيَّةِ، والعهد المدنيُّ كان فيه إقرار كثيرٍ من الأحكامِ الشرعيَّة، وكان الأمرُ في أحكامِ اللهِ أن تُنفَّذَ، ولا يُتأخَّرَ فيها أو يُعترضَ عليها، فأخبرَ اللهُ بقصَّةِ البقرةِ التي فيها التَّنبيه والإعلامُ بشأنِ من تلكَّأ في الاستجابةِ لأحكامِ الله، فإنَّ بني إسرائيلَ لمَّا شدَّدُوا وتعنَّتوا في تنفيذِ أمرِ اللهِ، شدَّدّ اللهُ عليهم، إذ لو ذبحوا في أولِ أمرِ اللهِ لهم أيَّ بقرةٍ، لأجزأهم ذلك، ولكانوا بذلك مستجيبين لأمرِ اللهِ، وفي هذه القصَّةِ عِظةٌ، أيُّما عِظةٍ للصَّحابةِ رضي الله عنهم، كي لا يتردَّدُوا في تنفيذِ أحكامِ اللهِ، فيشدِّدَ اللهُ عليهم، كما شدَّد على بني إسرائيلَ في شأنِ البقرةِ. وحياتُهم رضي الله عنهم مع نبيِّهم صلّى الله عليه وسلّم تدلُّ على أنهم وَعَوا هذا الدَّرسَ وتلقَّنوه جيِّدًا، فلم يكونوا يتأخَّرون عن تنفيذِ أوامرِ الشَّرعِ، واللهُ أعلمُ.
* ومن مناسبة اختيار الألفاظِ، ما ورد في قوله تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥]، فإنَّ اللهَ حجَبَهم عن كرامتِه التي أكرمَ الله بها المؤمنين من رؤيته. وهذا يناسبُ ما حجبوا به أنفسهم من الرَّانِ الذي غطَّى على قلوبِهم، وذلك قوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا