ومثاله، ما رواه الواحديُّ (ت: ٤٦٨) عن عبد الله بن عمر (ت: ٧٣)، قال: «أُنزلت: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] أن تصليَ حيثما اتجهت بك راحلتك، في التَّطوُّعِ» (١).
الثَّاني: أن تدلَّ هذه العبارةُ على أنَّ المفسِّرَ فسَّرَ بالقياسِ.
ومثاله ما رُوي عن سعد بن أبي وقَّاصٍ (ت: ٥٥) في قول اللهِ تعالى: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ [البقرة: ٢٧]، قال: «نزلت في الحَرُورِيَّةِ»؛ يعني: الخوارج، وفي روايةٍ: هم الحروريَّةُ (٢).
الثالث: أن تكونَ على سبيلِ حكايةِ مثالٍ لمن تشملُه الآيةُ.
ومن أمثلتِه، ما رواه ابن مردويه (ت: ٤١٠) عن سعد بن أبي وقَّاصٍ (ت: ٥٥)، في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: ٣٣]، قال: «نزلت في الحروريَّةِ» (٣).
والآيةُ عامَّةٌ في كلِّ من حاربَ الله ورسولَه، والخوارجُ الحروريَّةُ مثالٌ لهم، فهم داخلونَ في حكمِ الآيةِ، واللهُ أعلمُ.
ويكثرُ في هذا القِسْمِ أن يُحكى نزولُ الآيةِ في شخصٍ معيَّنٍ، والمرادُ من ذِكْرِه التَّمثيلُ به لمعنى ما تحمله الآيةُ؛ لذا قد يُحكى نزولُ الآيةِ في أكثرَ مِن شخصٍ، وإنما هم أمثلةٌ لمن تحتملُه الآيةُ، ومن ذلكَ قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٣]، فقد وردَ أنها نزلتْ في العاصِ بن وائل، وقيل: في عقبة بن أبي معيطٍ، وقيل: في أبي
_________
(١) أسباب نزول القرآن، للواحدي، تحقيق: كمال بسيوني (ص: ٤١).
(٢) ينظر: فتح الباري، طـ: الريان (٨: ٢٧٨)، والعجاب في بيان الأسباب (١: ٢٤٧).
(٣) يظر: تفسير ابن كثير، تحقيق: سامي السلامة (٣: ٩٥).