والذي يخصُّ علمَ التَّفسيرِ منها = توجيهُ ما يتعلَّقُ بالمعنى، فإذا اختلفَ المعنى بسببِ القراءةِ فإنه من علمِ التَّفسير، أما إذا لم يكن الاختلافُ متعلِّقًا بالمعنى، فإنه يكونُ خارجًا عن علم التَّفسيرِ.
وهذا يعني أنَّ المفسِّرَ لا يستفيدُ من كتبِ هذا العلمِ إلا بما يتأثَّرُ به المعنى، وأمثلةُ ذلك كثيرةٌ.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٧]، فقد وردَ في لفظِ «تهجرون» قراءتان:
الأولى: بفتحِ التَّاءِ وضمِّ الجيم «تَهْجُرُون»، والمعنى: تتركون الآيات، ولا تنقادونَ لها، ولا تؤمنون بها.
الثانية: بضم التاء وكسر الجيم «تُهْجِرُون»، والمعنى: تقولون الهُجْرَ من الكلامِ، وهو الهذيان، والقبيح من القولِ، وما لا خير فيه.
نوع الاختلاف في القراءات المتواترة، وعلاقته بالتَّفسير:
الاختلافُ في القراءات المتواترة من قبيلِ اختلافِ التَّنوَّع، ولا إشكالَ في ذلك.
ولا يوجدُ تناقضٌ بين القراءات المتواترة البتَّةَ؛ لأنها كلَّها قرآنٌ من عند الله، ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] (١).
وإذا تأمَّلتَ الاختلافَ الكائنَ في القراءةِ، مما له أثرٌ في المعنى، وجدتَ فيه ما يأتي:
١ - أن تكون مادَّةُ اللفظِ واحدةً، ويكونَ في أحدِها زيادةٌ في
_________
(١) ينظر في هذا المعنى: تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر (ص: ٤٠ - ٤٢).