ثالث عشر: كتبُ الوقف والابتداءِ
إنَّ لعلم الوقف والابتداءِ علاقةً أكيدةً بعلمِ التَّفسيرِ، إذ هو أثرٌ من آثارِ التَّفسيرِ. ذلك أنَّ مَنِ اختارَ وقفًا، فإنَّه اعتمد المعنى أوَّلاً، ثُمَّ وقفَ، فالواقفُ يفسِّرُ، ثُمَّ يقِفُ، فهو بوقفِه على موضعِ الوقفِ يبيِّنُ وجه المعنى الذي يراه.
وإذا نظرتَ في كتبِ هذا العلمِ، أو في وقوفِ المصاحفِ، فإنَّكَ
_________
= الألفاظ بما يخالفُ المعنى القريب، وذكر تفسير مجاهدٍ هذا، وقد غفل عن أنَّ مجاهدًا لا يُفسِّرُ قراءة الفتح، وهو قد ذكر في موطنٍ آخر ما يدلُّ عنده على أنَّ مجاهدًا يفسِّرُ قراءةَ الضَّمِّ، لكنه غفلَ عن الجمع بينهما، فأطلق ذلك الحكم على مجاهدٍ، وهو ليس كذلك، وقد ذكر ذلك عند ذكرِه تميُّزَ مجاهدٍ بالدِّقةِ في التفريقِ بين المفردات المتشابهة، وقال: «ومن ذلك ما رويَ عنه عند قوله سبحانه: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ﴾، قال: ما كان في القرآن ثُمُر بالضَّمِّ، فهو المالُ، وما كان بالفتحِ، فهو النَّباتُ». وهذا يعني أنَّ مجاهدًا لما فسَّر لم يفسِّر قراءة الفتحِ، وأنه على علمٍ بالفرقِ بين القراءتينِ، ومن ثَمَّ لا يُحكمُ على تفسيرِه أنه خالفَ المعنى القريبِ، والله الموفق.