موجودةٌ في كتبِ علومٍ أخرى؛ كالمسائل المتعلقةِ بالناسخِ والمنسوخِ، والمطلقِ والمقيَّدِ، والخاصِّ والعامِّ، وغيرها من المسائل التي هي من جملةِ علمِ أصول الفقهِ، فهل يعني هذا أنَّ هذه العلومَ ليست من صميمِ علومِ القرآن؛ كعلمِ القراءاتِ، وعلم نزولِ القرآنِ، وغيرِها من العلومِ التي تتعلق به فقط.
في هذه المسألةِ نظرٌ لا بدَّ من بيانِه، فأقول:
إنَّ هذه المسائل وغيرَها من صميمِ علومِ القرآنِ، لا شكَّ في ذلكَ، ولكن لما سبقَ علماءُ الأصولِ ـ مثلاً ـ إلى تحريرِ المسائلِ المعلِّقة بالناسخِ والمنسوخِ، والعامِّ والخاصِّ، والمطلقِ والمقيَّدِ، وغيرها، وضبطوها ضبطًا خاصًّا = صارتْ تُنْسَبُ إلى علمهم (١)، ولما كان ذلك كذلك، فإنه قد يُفهمُ أنَّ هذه العلومَ المحرَّرةَ في كتبِ العلومِ الأخرى ليست من علوم القرآنِ.
والواقعُ أنَّ هذه العلومَ مشتركةٌ بين هذين العلمين، وكونُ أصحابِ هذه العلومِ حرَّروا هذه المسائل المشتركةَ قبلَ علماء علومِ القرآنِ، فإن هذا لا يعني أنها ليست من علومِ القرآنِ، وإنْ كانَ يُنسبُ لأصحابِ العلومِ الأخرى تحريرُ مسائلِ هذه العلومِ التي استفادَ منها من كتبَ في علومِ القرآنِ.
وإن كان علماءُ علومِ القرآنِ قد استفادوا في تقعيدِ هذه العلومِ من
_________
(١) يقاس على ذلك غيرُها من المسائل التي استفادها مَنْ كَتَبَ في علومِ القرآنِ مِنْ كُتُبِ العلومِ الأخرى. ويجبُ أن يلاحظَ أنَّ الاصطلاحَ قد يختلفُ بين علماء علومِ القرآنِ وغيرِهم، وهذا مما يجب أن يُراعى، فالاتفاقُ في المسمَّى لا يعني الاتفاق في المصطلحِ.