يؤكِّدان صِحَّةَ ما روينا في ذلك عن ابن عباس، ويدلاَّن على خطأ من زعم أنه مرفوعٌ على العطفِ على «الكبير» (١)، وقول من زعم أنَّ معناه: وكبيرٌ صدٌّ عن سبيلِ اللهِ، وزعم أنَّ قوله: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، خبرٌ منقطعٌ عما قبله مبتدأ (٢)» (٣).
* بل كان عنده ما هو أخصُّ من ذلك، وهو بناء الإعرابِ على ما جاء عن السَّلفِ، كما في المثالِ السابقِ، وحسَبَ علمي، لم يلقَ هذا الجانب ما يليق به من البحثِ والتَّمحيصِ، ولو سبكتَ في ذلكَ قاعدةً لقلت: إنَّما يُبْنَى الأعرابُ على تفسيرِ السَّلفِ، ولا يصحُّ ردُّ الواردِ عنهم بدعوى مخالفةِ القواعدِ النحويَّةِ التي ضبطها المتأخرون، بلْ يبحثُ عن الوجه من الإعرابِ الذي حُمِلَ عليه الكلامُ عندهم.
ومن أمثلةِ تطبيقِ هذا:
* ما ورد في تفسيرِ الطبري (ت: ٣١٠)، عند تفسيرِ قوله تعالى: ﴿يَامُوسَى لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النمل: ١٠، ١١]، عن الحسن البصريِّ (ت: ١١٠)، قال: «كانت الأنبياء تُذنبُ، فتعاقبُ»، وقال ابن جريج (ت: ١٥٠): «لا يُخيفُ اللهُ الأنبياءَ إلاَّ بذنبٍ يُصيبُه أحدهم، فإن أصابَه، أخافَه اللهُ، حتَّى يأخُذَه منه» (٤).
ثُمَّ أورد الطبريُّ (ت: ٣١٠) عن بعضِ النُّحاةِ في هذا الاستثناء تقديرات:
_________
(١) ذكر هذا الوجه الفراء في معانيه (١: ١٤١)، والطبري ينقلُ منه كثيرًا.
(٢) هذا قول الأخفش في معاني (١: ١٨٤)، والطبري ينقل منه كثيرًا.
(٣) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٤: ٣١٠ - ٣١١). وينظر: (١: ٢٤٨ - ٢٤٩).
(٤) ينظر قولهما في تفسير الطبري، طـ: الحلبي (١٩: ١٣٦).