اشتهرت به، وحرَّرتُ معناه، وبيَّنتُ ما وقع فيه من تطوُّرٍ إن وُجدَ، وذكرتُ بدايات هذا العلم، وبداياتِ التَّأليفِ فيه، وطريقةَ ترتيبِ هذه الكتبِ المصنَّفةِ، وقد أذكرُ نماذجَ منها، كما قد أُشِيرُ إلى مدى إفادتِها للمفسِّرِ وما يحتاجهُ منها، كلُّ ذلك قدر الجهدِ والطَّاقةِ.
ولمْ أَسِرْ على نظامٍ مُجَدْوَلٍ في كلِّ تصنيفٍ، بل كنت أكتبُ ما يمليه الخاطرُ ساعتَها؛ لذا لم يكن للمعلوماتِ ترتيبٌ معيَّنٌ.
كما لم ألتزم قراءة كلِّ كتبِ هذه العلومِ، بل دوَّنتُ ما كنتُ جمعتُه من فوائدَ في هذه الكتبِ في أثناء قراءاتٍ سابقةٍ.
وقد ذكرتُ في مبدإ هذا البحثِ مدخلاً يتعلَّقُ بتصنيفِ العلومِ التي يشملُها علمُ «علومِ القرآنِ» وقد ذكرتُها لأجل أن يُعرفَ الفرقُ بين «علومِ التَّفسيرِ» و «علومِ القرآن»، واستطردتُ في ذكرِ قضيَّةِ تداخلِ موضوعاتِ «علوم القرآنِ»، وهي قضيَّةٌ مهمَّةٌ تحتاجُ إلى نظرٍ ودراسةٍ؛ لأنَّه قد يمكنُ أن تُدرسَ جملةٌ من علومِه تحتَ مسمًّى واحدٍ تترابطُ فيه مسائلُ هذا العلمِ؛ ويبنى عليها ما بعدها من المسائلِ.
ولقد كانَ يكفي أن يعرفَ الدَّارسُ ترابُطَ بعضِ العلومِ وتداخُلَها التي تُذكرُ مفرَّقةً في كتبِ القرآنِ، غير أنه في بعضِ الموضوعاتِ يكونُ ما هو أكثرُ من ذلكَ، وهو تأخيرُ دراسةِ موضوعٍ يمرُّ ذِكرهُ في موضوعاتٍ متقدِّمةٍ، ولا يمكنُ فهمُ ما يطرحُ فيها بدونِ شرحِه وتفصيلِه.
ومن الأمثلةِ على ذلك: أنَّك تجدُ أنَّ في موضوعِ «جمعِ القرآنِ» إشارةً إلى «الأحرفِ السَّبعةِ» في جمعِ أبي بكرٍ وجمعِ عُثمانَ، والدَّارسُ لا يعرفُ المرادَ بالأحرفِ السَّبعةِ، فتَراكَ مضطرًّا لشرحِ موضوعِ «الأحرفِ السَّبعةِ» بإيجازٍ شديدٍ جدًّا يتناسبُ مع وقتِ إلقاءِ معلوماتِ «جمعِ القرآنِ».


الصفحة التالية
Icon