مُتَشَابِهًا} [البقرة: ٢٥]؛ أي: مُتَّفِقَ المناظرِ، مُختلفَ الطُّعومِ. وقال: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [البقرة: ١١٨]؛ أي: يُشبهُ بعضُها بعضًا في الكفرِ والقسوةِ.
ومنه يُقالُ: اشتبهَ الأمرُ: إذا أشبَه غيرَه، فلم تكد تُفرِّقُ بينهما.
وشبَّهتَ عليَّ: إذا لبَّستَ الحقَّ بالباطلِ.
ومنه قيلَ لأصحابِ المخاريق (١): أصحابُ الشُّبَهِ؛ لأنهم يُشبِّهونَ الباطلَ بالحقِّ.
ثُمَّ يُقالُ لكلِّ ما غمَضَ ودقَّ: متشابهٌ، وإن لم تقعِ الحَيرَةُ فيه من جهةِ الشَّبَهِ بغيرِه، ألا ترى أنه قد قيل للحروفِ المقطَّعةِ في أوائل السورِ: متشابهٌ، وليس الشَّكُّ فيها والوقوفُ عندها لمُشاكلتِها غيرَها، والتباسِها بها» (٢).
ومن ثَمَّ، فالمشكلُ والمتشابِه الذي يغمضُ معناهما لأيِّ سببٍ مصطلحان، مترادفانِ، كلٌّ منهما يؤدي معنى الآخرِ.
والمرادُ بالمتشابه: المتشابهُ النِّسبيُّ الذي يقابل المحكمَ، وهو ما يخفى على بعضٍ دونَ بعضٍ، فمن خَفِيَ عليه المعنى المرادُ، فهو متشابهُ ومشكلٌ عنده، ومن عَلِمَ المرادَ منه زالَ عنه المشكلُ وانتفى التَّشابُه، وصارَ مُحكَمًا عنده.
وإنَّما يَرِدُ المشكلُ على العقولِ بسببِ قصورٍ في إدراكِ المعنى
_________
(١) المخاريق: من مادة (خرق)، ومنها: الكذبُ، ولعلَّه يريدُ هذا؛ أي: أصحاب الأكاذيب، ومن هذه المادة قول اللهِ تعالى: ﴿وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ﴾ [الأنعام: ١٠٠]؛ أي: كذبوا واختلقوا له بنين وبنات، واللهُ أعلمُ.
(٢) تأويل مشكل القرآنِ (ص: ١٠١ - ١٠٢).