[الأنعام: ٣٨]، وقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ [الفتح: ١١]، وما أشبه ذلك...» (١).
وقد سبقَ في أوَّلِ الكلامِ الإشارةُ إلى أنَّ مصطلحَ المُشكلِ يرادفُ مصطلحَ «المتشابه النِّسبيِّ»، وهو ما قد يخفى على بعضِ النَّاسِ، ويعلمُه غيرُهم، وهذا يدخلُ فيه ما كان غموضُ معناه بجمعه مع آيةٍ أخرى، أو غموضُه بذاتِه؛ أي أنَّ ضابطَ عدِّ الآيةِ من المتشابهِ النِّسبيِّ هو خفاءُ المعنى على طالبِهِ.
والمتشابه هنا يقابلُ المحكمَ، والمحكمُ: ما لا خفاءَ في معناه، فما كان معناه ظاهرًا لك، فهو بالنِّسبةِ لك محكمٌ، وما كان فيه خفاءٌ وغموضٌ، فهو متشابِه عندكَ.
وقد كان للاعتقادِ أثرٌ في مفهومِ المحكمِ والمتشابهِ، وتحديدِ آياتهما، وقد نتجَ عن ذلك أنَّ المحكمَ عند قومٍ قد لا يكونُ محكمًا عند غيرِهم، لتأثُّرِه بالمعتقدِ الذي يعتقدُه المفسِّرُ، فمعاني آيات الصِّفاتِ الإلهيَّةِ يعدُّها بعضهم من المتشابه، وهي ليست كذلك، وسببُ عدِّها من المشابِه الاعتقادُ الذي يقولُ به المفسِّرُ لهذه الصِّفاتِ (٢).
ومن أشهرِ الكتبِ التي حملتْ هذا العنوانَ، وكتبت فيه على هذا
_________
(١) أنموذج جليل في أسئلةٍ وأجوبةٍ من غرائب التنزيل، لمحمد بن أبي بكر الرازي، تحقيق: الدكتور محمد رضوان الداية (ص: ٣٤٧).
(٢) في الصفات جانبانِ: الأول: المعنى، وهذا معلومٌ، فإن جهلَ أحدٌ بعض المعاني، فما يجهلُه منها من المتشابه النِّسبيِّ.
والثاني: الكيفُ، وهذا غير معلومٍ؛ لأنَّ الله لم يُطْلِعْنا عليه، وهذا من المتشابه الكليِّ، بسببِ الجهلِ التَّامِّ به. والذين يجعلونها من المتشابه، يريدونَ هذا، وهم لا يفرِّقون بين المعنى والكيف، بل يجعلونها كلها من المتشابه.


الصفحة التالية
Icon