ولذا يمكنُ أن يتداخل عددٌ من الوجوهِ في وجهٍ واحدٍ، كما سبقَ.
كما أنَّ بعضَ الوجوهِ لا تظهرُ له علاقةٌ باللَّفظِ الذي يذكرونه، ومن ذلك:
قال مقاتل (ت: ١٥٠): «تفسيرُ شِيَعًا على خمسة وجوه:
فوجه منها، يعني: فِرَقًا، فذلك قوله في الأنعامِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الأنعام: ١٥٩]؛ يعني: أحزابًا، فِرَقًا من يهود ونصارى وصائبين ومجوس.
نظيرُها في الرُّومِ، حيث يقولُ: ﴿... وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الروم: ٣١، ٣٢]؛ يعني: أحزابًا، فِرَقًا. وقال في القصص: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ [القصص: ٤]؛ يعني: فِرَقًا. فِرقة القِبْطِ، وفرقةَ بني إسرائيلَ.
وكقولِه في الحِجْرِ: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٠]؛ يعني: فِرق الأوَّلينَ، ؛ يعني: قوم نوحٍ وهودٍ والأمم.
الوجه الثاني: الشِّيعُ؛ يعني: الجيش (١)، فذلك قوله في القصص لموسى: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ﴾؛ يعني: كافرين، ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ﴾؛ يعني: من بني إسرائيل، ﴿وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾؛ يعني: والآخر من عدوِّه؛
_________
(١) لعلَّها «الجنس»
، إذ لا معنى للجيشِ في تفسيرِ هذه الآيات التي ذكرها، وقد فسَّرها ابن المعاد على هذا اللفظ «الجنس»، مما يُشعرُ بخطأ قراءة محقق كتاب مقاتل وكتاب هارون الذي يظهر أنه اعتمد على محقق كتاب مقاتل في قراءتها، وقد قرأها محققٌ آخر لكتاب هارون «الجنس»، وهو الدكتور سليمان القرعاوي، في أطروحته للماجستير، تحقيق الوجوه والنظائر، لهارون الأعور. ينظر (ص: ١٧١) من الرسالة، في كلية التربية/ جامعة الملك سعود.


الصفحة التالية
Icon