المبحث الأول
طرق تعبير السلف عن النُّزول
المكي والمدني مصطلحان مرتبطان بالمكان والزمان، وعليهما وقعت عبارات العلماء رحمهم الله.
وكان للسلف عناية خاصة بمكان نزول القرآن، وكان أول نزول القرآن في غار حراء بمكة، ثم تتابع نزوله على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكان منه ما نزل بمكة قبل الهجرة، وما نزل في ضواحي مكة، ثمَّ هاجر الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، ونزل عليه فيها القرآن، وكان له سفرات نزل فيها قرآن، وكان منه ما نزل عليه بمكة بعد هجرته صلّى الله عليه وسلّم، فكيف كان السلف يعبِّرون عن هذا النُّزول؟
ولقد كان للسلف طريقتان في التعبير عن النُّزول:
الأولى: روايات تذكر كل السور، وتميز مكيها من مدنيها.
الثانية: روايات متفرقة تذكر المكي والمدني، ويكثر في هذه الروايات الإشارة إلى أماكن نزول الآيات.
وفي كلا الطريقتين لم يقع منهم نصٌّ مباشر على الزمان (قبل الهجرة، وبعد الهجرة).
بل كان الوارد عن بعض الصحابة التنبيه على معرفة المكان دون الزمان؛ كالوارد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «والذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه» (١)، وقد ورد هذا المعنى عن غيره من السلف.
_________
(١) أخرجه البخاري برقم (٥٠٠٢).


الصفحة التالية
Icon