وإن من أهم الأمور التي يحسن أن تنتبه لها في هذا المقام مبادئ الأمور وأولياته التي تربى عليها مخالفك، فما تراه من المسلَّمات لم يتربَّ هو عليه، حتى لقد يصل الأمر به أن لا يرى أنه ملزم بأقوال الصحابة في التفسير، وما ذاك إلا لأنه لم يتربَّ على تعظيم قدر الصحابة، ومعرفة مميزات علمهم، وما لهم من المعرفة باللغة العربية، والأحوال المصاحبة للنُّزول، وأحوال النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكيف لمن يكون بهذه المنْزلة أن يترك قوله؟!
والمقصود الذي أريد أن أصل إليه أنني أدعو إلى أن يكون الدرس العلمي درس نقاش وحوار للوصول إلى المعلومة الصحيحة، وأنك لست ملزماً بصحة كل ما ورد في هذا المؤلَّف، فما هو إلا جهد شخص ظهرت له ملحوظات في بعض علوم القرآن فألقاها بين يديك لتناقشها كما ناقشها، فإن اقتنعت بما وصل إليه تبنَّيته عن قناعة، وصارت فكرته هي فكرتك، وإن خالفته، فذلك حقٌّ لك، ولك أن تبيِّن خطأه وبعده عن الصواب، وكل ذلك يكون بأسلوب علمي أدبي رزين وعالٍ.
وإن مما كنت قد دعوت إليه ـ ولا زلت أرى الحاجة إليه ماسة ـ أن يقوم الطلاب بفهرسة كتب الحديث على علوم القرآن؛ لاستخراج موضوعات علوم القرآن منها، لكي تكون زاداً لطلاب هذا العلم يستقون منها ما يريدون حينما يكتبون عن موضوع ما من موضوعات علوم القرآن.
وإنه من خلال القراءة في كتب السنة تمرُّ بالقارئ أحاديث وآثار لها علاقة بعلوم القرآن فلا يقيدها القارئ فتضيع هذه الفوائد التي هي كالشهاب الخاطف إن لم تقيَّد مباشرة احترقت وصارت في عالم الغيب، وأنَّى له أن يسترجعها.
ومما أراه مهمّاً لطالب العلم أن يقوم بإجراء تطبيقات عملية علمية على الموضوعات التي يأخذها، وإن ميدان كتب التفسير ميدان رحب لهذه التطبيقات، فلو أخذ ـ على سبيل المثال ـ المكي والمدني، ودرس تطبيقاته في تفسير ابن جرير (ت٣١٠هـ)، أو في تفسير ابن عطية (ت٥٤٢هـ)، أو في