أحدها: أنها الصلوات الخمس؛ قاله ابن عباس ومقاتل.
والثاني: صلاة العيدين؛ قاله أبو سعيد الخدري.
والثالث: صلاة التطوع؛ قاله أبو الأحوص.
والقول قول ابن عباس في الآيتين، فإن هذه السورة مكية بلا خلاف، ولم يكن بمكة زكاة ولا عيد» (١).
وإذا تأملت القول بصلاة العيد وجدته يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿فَصَلَّى﴾، لكن أن يكون هو المراد لا غيرُه، أو يكون هو المراد أولاً، ففيه النظر الذي ذكره ابن الجوزي (ت٥٩٧هـ)، والله أعلم.
ثالثاً: الاستفادة منه في الدعوة إلى الله بتنْزيل المقال على مقتضى الحال:
إن القرآن المكي كان يخاطب أغلبية كافرة لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فكان الخطاب يكثر فيه ذكر قضايا التوحيد الكلية وما يتعلق بإثبات النبوة والبعث، وغيرها.
والقرآن المدني كان يخاطب الدولة المسلمة التي استقرَّ أمرها، وصار الأمر والنهي فيها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فظهر الحديث عن التشريعات والحدود، كما تجد الحديث عن الجهاد والمنافقين وغير ذلك، وكان لكل نوع من هذه الأنواع طريقة في خطابه.
فالداعية يستفيد من هذا في تنويع خطابه، فلا يكون خطابه وأسلوب تعامله واحداً لا يتغير، فإن كان يخاطب ملحداً فإن خطابه لا يكون كما يخاطب كافراً مؤمناً بالله، وإذا كان يخاطب كافراً مؤمناً بالله ـ كأهل الكتاب ـ فإنه يختلف في خطابه لهم عن خطابه لمبتدع، وخطابه لمبتدع يختلف عن خطابه لعاصٍ فاسقٍ، وهكذا يُنَزَّل لكل قوم ما يصلح لهم من الخطاب، والله أعلم.
• * *
_________
(١) زاد المسير، لابن الجوزي، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن عبد الله (٨: ٢٣٠).