وإذا كان الأمر كذلك فهو هيِّنٌ، والخلاف فيه محتملٌ مقبولٌ؛ لأنه لا أثر له في أصل القرآن، وإنما سيقع أثره في بعض المعلومات المتعلقة بهذا المبحث، كما سيأتي.
وقد اجتهد العلماء في تخريج هذا الاختلاف، مع أن الأصل أنه متلقى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن إجاباتهم:
١ - أنه يجوز أن يكون متلقَّى بهذا الاختلاف من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك من باب اختلاف التنوع؛ لأنَّ هذا النوع من الاختلاف لا أثر له في أصل القرآن.
٢ - وجائزٌ أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ الآيات بطريقة تُشعرهم بانتهائها، فكانوا يجتهدون في العدِّ، وقد يقع بينهم خلاف في ذلك شأن سائر اجتهاداتهم في النصوص.
وسواءٌ أصَحَّتْ هذه التخريجات أم لم تصحَّ، فإنه ـ كما سبق ـ لا أثر لهذا الاختلاف في جملة آي القرآن من جهة الزيادة والنقص، والله أعلم.
الآثار العلمية المترتبة على الاختلاف في العدِّ:
إذا تأمَّلت الاختلاف في موطن رأس الآية، وفتَّشت عن الأثر العلمي للاختلاف فيه، فإنه سيظهر لك ارتباطه بعدد من المسائل العلمية ومنها:
أولاً: أن الوقف على رأس الآية سنة عند بعض العلماء، ومعرفة مكانه يعين على تطبيق هذه السنة، وباختلاف العدِّ يختلف موطن الوقف على رأس الآية، فلو كنت تقرأ سورة العصر وأنت تتبع الجمهور في العدَّ، فستقرأ هكذا:
﴿وَالْعَصْرِ﴾، ﴿إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
ولو كنت تقرأ على مذهب العدِّ المدني الأخير، فإنك ستقرأ هكذا: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ ﴿إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.


الصفحة التالية
Icon