٢ - أن يكتب المصحف كاملاً، وهذا لا يحسن بغير الرسم العثماني (١)؛ لأن الرسم العثماني مما أجمع عليه الصحابة، وتطور الرسم بعدهم لا يسري على رسمهم للقرآن بل يوقف به حيث وقف.
وأما دعوى طلب كتابة المصحف بالرسم الإملائي المتعارف عليه اليوم لصعوبة الرسم العثماني، فهذه دعوى ينقصها البرهان في إثبات هذه الصعوبة، وإنما جاءت الصعوبة لعدم تعلم الرسم، وليس لمخالفة الرسم للرسم الإملائي المتعارف عليه اليوم؛ لذا فإن هذه دعوى خلاف المنهج العلمي الصحيح؛ لأن الجهل بالشيء لا يلزم منه تغييره، بل إنما الصواب الذي يحسن أن يُطلب: أن يُتَعَلَّم رسم المصحف كما تُتَعلَّم قراءة القرآن، فلو كان الطالب يتعلم الرسم والقراءة معاً لما صعُب عليه، ولكنه يقرأ ولا يعرف من الرسم شيئاً، بل يتخرج من كليات متخصصة وهو لا يعلم عنه شيئاً، فالداء في الجهل وليس في الرسم فيُطلب تغييره.
٦ - أنَّ المصاحف الستة ـ على الصحيح (٢) ـ التي نسخها عثمان رضي الله عنه هي الأصل الذي يُعتمدُ في حكاية المرسوم، وكل ما حكاه علماء الرسم المتقدمون (٣)؛ فهو عن هذه المصاحف، أو عن مصاحف أخذت رسومها عن هذه المصاحف الأصيلة، ثم صار هؤلاء الأعلام حجة فيما نقلوه، وعمدةً فيما أثبتوه.
_________
(١) يلاحظ أن بعض خطاطي المسلمين؛ كابن البواب وغيره، وكذا بعض من كتب المصحف كتبه بالرسم الإملائي المتعارف عليه عندهم، وهذا خلاف الأصل.
(٢) وقع خلاف بين العلماء في عدد المصاحف، والصحيح أنها ستة: المصحف الذي استكتبه عثمان لنفسه، والمصحف المدني الذي كان عند زيد بن ثابت، والمصحف المكي، والمصحف الكوفي، والمصحف البصري، والمصحف الشامي، وهذه المصاحف هي التي نقل العلماء عنها، وحكوا ما فيها من الرسم، أما ما عدا ذلك كالمصحف المنسوب للبحرين أو لليمن، فلم يُنقل عنه أبداً، مما يشير إلى عدم وجودهما أصلاً.
(٣) مثل نافع المدني، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وابن الغازي، وأبي عمرو الداني، وأبي داود سليمان بن نجاح، وغيرهم.