٢ - «جردوا القرآن لا تخلطوه بشيء» (١)، وفي رواية: «لا تلبسوه ما ليس منه» (٢).
٣ - وعن أبي المغيرة قال: «قرأ رجل عند ابن مسعود، فقال: استعذ بالله العليم من الشيطان الرجيم فقال عبد الله: جردوا القرآن» (٣).
٤ - وعن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الأحوص قال: قال عبد الله: «جردوا القرآن؛ ليربوا فيه صغيركم، ولا ينأى عنه كبيركم، فإن الشيطان يفر من البيت يسمع تقرأ فيه سورة البقرة» (٤).
ظاهر هذه الروايات التي جاءت مفصلة أنه أراد أن لا يزاد في القراءة على ما في القرآن، وأن يجرَّد في التعليم ليربوا عليه الصغير، وليس مرادها ما ذهب إليه بعضُ العلماء، حيث ذهبوا بها إلى تجريد المصحف من النقط وغيره؛ لأنَّ هذه الأشياء لم تكن موجودة في عصرهم فيقال: إنهم جردوها منه؛ لأن دخولها في المصاحف إنما جاء بعد عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، فلا يصحُّ أن يقال إنهم أرادوا هذا.
لكن الذين حملوه على هذا إنما حملوه من باب التخريج على كلام ابن مسعود رضي الله عنه، لا أنه هو مرادُه الأَوَّلِيُّ، وهذا ظاهر من استدلال بعض أصحابه بقوله على تجريد المصحف من التعشير وغيره، فقد ورد عن مغيرة عن إبراهيم قال: «كان يكره أن يعشر المصحف، أو يصغر.
وكان يقول: عظِّموا القرآن، ولا تخلطوا به ما ليس منه.
وكان يكره أن يكتب بالذهب، أو يعلم عند رؤوس الآي.
وكان يقول: جردوا القرآن»
(٥).
_________
(١) نقط المصاحف، للداني (ص١٠).
(٢) المصنف لعبد الرزاق (٤: ٣٢٢)؛ والكتاب المصنف لابن أبي شيبة (٢: ٢٣٩، ٦: ١٥٠)؛ والمعجم الكبير للطبراني (٩: ٣٥٣).
(٣) الكتاب المصنف لابن أبي شيبة (٦: ١٥٠).
(٤) سنن النسائي الكبرى (٦: ٢٤٠).
(٥) رواه البيهقي في شعب الإيمان (٢: ٥٤٧).


الصفحة التالية
Icon