أحمد (ت١٧٠هـ تقريباً) فعمل إلى حلِّ الإشكال القائم في النقط المدور (الذي يعتمد الدائرة واللون الأحمر)، فهي تتخذ شكلاً واحدّاً، ولا تتميز إلا باختلاف المكان فقط.
وقد أخذ الخليل بن أحمد شكل الحركاتِ من صورِ الحروف، قال محمد بن يزيد المبرد (ت٢٨٥هـ): «الشكل الذي في الكتب من عمل الخليل، وهو مأخوذ من صور الحروف، فالضمة واو صغيرة الصورة في أعلى الحرف؛ لئلا تلتبس بالواو المكتوبة، والكسرة ياء تحت الحرف، والفتحة ألف مبطوحة فوق الحرف» (١).
وصار يُسمى (نقط الخليل)، أو (الشكل)، أو (شكل الشعر)، أو (الشكل المستطيل) (٢)، ولما ظهر نقط الخليل (ت١٧٠ تقريباً) وانتشر بدأ الناس يتركون نقط أبي الأسود (ت٦٧ أو ٦٩هـ)، ويستعملون نقط الخليل؛ لأنه أيسر للقارئ في الإدراك من النقط المدوَّر، يقول ابن مجاهد (ت٣٢٤هـ): «الشَّكل سِمة للكتاب، كما أن الإعراب سمة لكلام اللسان. ولولا الشكل لم تُعرف معاني الكتاب، كما لولا الإعراب لم تعرف معاني الكلام.
والشكل لِمَا أشكَلَ، وليس على كل حرف يقع الشكل؛ إنما يقع على ما إذا لم يُشْكَل التبس. ولو شُكِلَ الحرفُ من أوله إلى آخره ـ أعني: الكلمة ـ لأظلم ولم تكن فائدة إذ كان بعضه يؤدي عن بعض.
والشكل والنقط شيء واحد، غير أن فَهْمَ القارئ يسرع إلى الشكل أقرب مما يسرع إلى النقط؛ لاختلاف صورة الشكل واتفاق صورة النقط؛ إذ كان النقط كله مدوراً، والشكل فيه الضم والكسر والفتح والهمز
_________
(١) أخذ الخليل شكل الحركات ـ وهي رموز قصيرة ـ من الحروف، فالألف تناسبها الفتحة، لكن بدلاً من أن تكون قائمة كالألف بطحها، ووضعها فوق الحرف، وأخذ من الواو الضمة، وجعلها فوق الحرف أيضاً، وأخذ الكسرة من الياء، وجعلها تحت الحرف معقوفة هكذا (-)، وأخذ رمز الشدة (ّ) من أول كلمة شديد، وأخذ علامة السكون، وهي رأس خاء من كلمة خفيف.
(٢) ينظر: رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، للدكتور غانم قدوري الحمد (ص٤٨٩).