الرَّحِيمِ}، ثم يقف...» الحديث (١).
ومما يُستأنس به في تقوية هذا المذهب: أن ابن مسعود رضي الله عنه لما قرأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة النساء، ووصل إلى قوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١]، أمره صلّى الله عليه وسلّم أن يقطع القراءة على هذا الموضع، فقال: «حسبك» (٢).
ولو كان تتبع المعاني مما يحرص عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لما أمر ابن مسعود أن يقطع قبل تمام المعنى؛ لأن قوله تعالى بعدها: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] متعلق بها. وبهذه الآية ينتهي المقطع، ويكون الوقف تامّاً؛ لأن قوله تعالى بعدها: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾...} [النساء: ٤٣] نداءٌ للمؤمنين، والنداء يدل على انقطاع الجملة عما قبلها، والابتداء بأمر جديد، واللهُ أعلمُ.
• * *
_________
(١) أخرجه أحمد (٦: ٣٠٢)؛ وأبو داود رقم (٤٠٠١)؛ والترمذي برقم (٢٩٢٧) وقال: وليس إسناده بمتصل. وصحح الدارقطني إسناده في سننه (١: ٣١٢).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٥٠٥٠)، انظر: فتح الباري، ط. الريان (٨: ٩٨ - ٩٩).


الصفحة التالية
Icon