وفي رواية عند الإمام أحمد: «اللهم فَقِّهُ في الدين، وعلِّمه التَّأويل» (١)؛ والمرادُ به علم التفسيرِ الذي هو أجلُّ علومِ القرآنِ وأعظمها، ولا تخلو تفاسير السلف من ذكر جملة من علوم القرآن؛ كعلم الناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، والعام والخاص، وغيرها.
٢ - قوله صلّى الله عليه وسلّم: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» (٢)، وهذا يشملُ جُملةَ علومِ القرآنِ من قراءته وحفظه وتفسيره وغيرِها؛ لأنَّه خبر مطلقٌ غير محدَّدٍ بنوعِ من أنواع تعلُّمِ القرآنِ وتعليمه.
٣ - وروى ابن أبي شيبة بسنده عن أبي البختري عن علي رضي الله عنه قالوا: «أخبِرْنا عن عبد الله.
قال: علم القرآن والسنة، ثم انتهى، وكفى بذلك علماً» (٣).
٤ - عن سفيان بن حسين (٤) قال: «سألني إياس بن معاوية، فقال: إني أراك قد كَلِفْتَ بعلم القرآن، فاقرأ عليَّ سورة وفَسِّر حتى أنظر فيما علمت.
قال: ففعلت.
فقال: احفظ عني ما أقول لك: إياك والشناعة في الحديث، فإنه قَلَّ ما حملها أحدٌ إلا ذلَّ في نفسه، وكذب في حديثه».
ومن تتبع الآثار وجدَ فيها كثيراً من هذا الباب، وهو موضوع يصلح للبحث، بحيث يصل الباحث به إلى مرادهم بعلوم القرآن من خلال آثارهم.
_________
(١) مسند الإمام أحمد (١: ٣١٤) وأصله في البخاري كما مرّ.
(٢) رواه البخاري برقم (٥٠٢٧) عن عثمان رضي الله عنه.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٦: ٣٨٥)؛ وقد أخرجه أبو نعيم في الحلية (١: ١٢٩).
(٤) سفيان بن حسين بن الحسن، أبو محمد ويقال: أبو الحسن الواسطي مولى عبد الله بن خازم السلمي ويقال: مولى عبد الرحمن بن سمرة القرشي روى عن إياس بن معاوية، وجعفر بن أبي وحشية، والحسن البصري. كان مؤدباً للخليفة المهدي، ومات بالري في خلافته. تهذيب الكمال (١١: ١٣٩).