إذا رجعت إلى بعض الكتب التي صُدِّرت عناوينها بأصول التفسير، ونظرت إلى مادتها فإنك ستجد أغلب مباحثها في علوم القرآن، ككتاب «الفوز الكبير في أصول التفسير» (١) لأحمد بن عبد الرحيم الدهلوي (ت١١٧٦هـ)، وكتاب «أصول في التفسير» للشيخ محمد بن عثيمين (ت١٤٢٢هـ)، فهل (أصول التفسير) هي (علوم القرآن)؟
لا شكَّ أنَّ اختلاف الإضافات تدلُّ على اختلاف المصطلحات، إلا إذا كان المضاف إليه له أكثر من نظير في معناه؛ كالذي سبق في مصطلح «علوم التَّنْزيل»، ومصطلح «علوم الكتاب»، وأمثالها (٢).
لكن الأمر هنا يختلف فالتفسير غير القرآن، لذا فأصول التفسير ليست هي علوم القرآن.
وإذا تأمَّلت الأمر وجدت أنَّ التفسير جزءٌ من علوم القرآن، بل هو أكبر علومه.
فالتفسير ـ الذي هو بيانُ القرآنِ وشرحُه وإيضاحُه ـ من علوم القرآن، وفي علوم القرآن غير التفسير من العلوم، وقد تكون بعض علومه مشتركة بين التفسير وعلوم القرآن، وهذا أمر معتاد، فكل ما هو من علوم التفسير، فهو من علوم القرآن قطعاً، وقد يكون إفراد هذه العلوم بعناوين مستقلة في كتب علوم القرآن مظنَّة الخلط الذي يقع بين المصطلحين؛ كعلم «غريب القرآن» الذي كتب فيه كتاباً مستقلاً جمهور من علماء اللغة المتقدمين،
_________
(١) أغلب مسائل الكتاب في أنواع من علوم القرآن، منها: العلوم الخمسة التي بينها القرآن العظيم بطريق التنصيص «علم الجدل، علم الأحكام، وعلم التذكير بآلاء الله، وعلم التذكير بآيام الله، وعلم التذكير بالموت وما بعد الموت» الفوز الكبير (ص١٩).
(٢) ينظر: (ص٢٥).