مقدمة الطبعة الأولى
الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فإن من عظمة هذا القرآن الكريم تلك الدراسات المتكاثرة التي تدور في فلكه، بحيث لا يمكن حصرها والإحاطة بها، وانظر على سبيل المثال عدد مخطوطات التفسير، ووازنها بعدد المطبوع = تجد أن المطبوع لا يمثِّل عشر عدد المخطوط، فما بالك في غيره من الدراسات المرتبطة بالقرآن الكريم.
هذا، ولقد كان اعتناء العلماء بالقرآن وعلومه مما لا يخفى، فما تكاد تجد عالماً من علماء هذه الأمة إلا وله مشاركة في أحد علوم القرآن الكريم.
ولقد تنامت هذه الدراسات في علومه، حتى ظهرت كتب تجمع عدداً منها، ثم جاءت محاولة استقصاء علومه عند الزركشي (ت٧٩٤هـ)، ثم عند البلقيني (ت٨٢٤هـ)، ثمَّ خُتِم الأمر بالسيوطي (ت٩١١هـ)، ولا يعني هذا تأخر الكتابة في علوم القرآن، إذ قد يكون فيه من الكتب ما هو على منوال هذا الجمع الذي يذهب إلى الاجتهاد في استقصاء علومه لكننا لم نطلع عليه بعد.
وإن علوم القرآن لا زالت بحاجة إلى تنقيح وتحرير، فكم من موضوع يظنُّ القارئ أنه مما انتهى فيه الأمر، واتفقت فيه الكلمة، بل قد يَمُرُّ على ما يعارضه فلا ينتبه له؛ لأن الأفكار السابقة التي كونها من خلال قراءته قوية ومؤثرة بحيث صار العقل ينكر ما يتعارض مع هذه الأفكار أو