والنتيجة التي يُتوصل إليها:
• أن جميع أصول الوجوه القرائية الثابتة عن الأئمة في القراءات العشر المعتبرة؛ أنها مما قرأ به النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي مما أُنزلَ، ولا يجوز لأحد أن ينقص منها أو يزيد عليها.
• وأن الاختلاف في بعض المقادير لا يعني وقوع الاجتهاد في الأصول، فالمدُّ أصل صحيح ثابت عند القراء، لكن اختلفوا في مقداره في أنواعه المعروفة عندهم، واختلافهم في المقدار داخل في باب الاجتهاد، لكن وجود المد كأصل في وجوه القراءة لا يدخله الاجتهاد (١).
وليس عندنا أن نعرف المتروك (المنسوخ) من غيره سوى ما أثبته الصحابة مما ثبت في العرضة الأخيرة التي استقرَّت القراءة عليها أيام عثمان رضي الله عنه لما جمع الناس على ما ثبتت قراءته في هذه العرضة، وترك ما سواه، فأجمع الصحابة على ذلك، وتركوا ما سواه مما صحَّ عندهم لكن لم يكن كل واحد منهم يعلم برفعه وتركه كما كان يعلمه زيد بن ثابت وغيره رضي الله عنهم ممن كان لهم عناية تامة بالقرآن.
وقد وقع عند بعض من كتب في علاقة الأحرف السبعة بجمع القرآن افتراضات لا يدل عليها دليل نقلي، بل هي من التخريج العقلي المحض، ويظهر أن من أسباب ذلك عدم تبيُّن المراد بالأحرف السبعة.
_________
= تعالى، وهذه رِدَّة صحيحة لا مرية فيها، وما رامت غلاة الروافض أهل الإلحاد الكائدون للإسلام إلا بعض هذا.
وهذه الآية تبين ضرورة أن جميع القرآن كما هو من ترتيب حروفه وكلماته وآياته وسوره حتى جمع كما هو فإنه من فعل الله عزّ وجل وتوليه جمعه، أوحى به إلى نبيه عليه السلام، وبينه عليه السلام للناس، فلا يسع أحداً تقديم مؤخر من ذلك ولا تأخير مقدم أصلاً». الإحكام في أصول الأحكام، لعلي بن أحمد بن حزم الأندلسي، نشر: دار الحديث.
(١) يقول الدكتور عبد العزيز قارئ: «بعض أوجه الأداء التي يصعب حصول التواتر على نقلها، ولا يُتصور وقوعه؛ كضبط مقادير المدود بالدقة المتناهية المقيسة بالحركات، فإن الاتفاق على ضبط ذلك بتلك الدقة المتناهية شيء فوق طاقة البشر؛ لذلك تجد الروايات مختلفة اختلافاً كبيراً في مقدار مدِّ المتصل مع أنهم جميعاً مجمعون على وجوب مدِّه». حديث الأحرف السبعة (ص١٢٩).