قال ابن عطية: وهذا كله إنما هو على جهة المثال في الحسنات (١).
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣] قال زرٌّ: الغيب: القرآن. وقال عطاء: الغيب: القدر، قال الراغب: وقول زرٍّ بأن الغيب: هو القرآن، وقول عطاء: أنه القدر؛ تمثيل لبعض ما هو غيب، وليس ذلك بخلاف بينهم، بل كل أشار إلى الغيب بمثال (٢).
٥ - التفسير بالقياس والاعتبار:
المراد به أن يُدخِل المفسر في حكم الآية شيئاً؛ لأنه مشبه للآية في العلة.
ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣].
فقد روي عن ابن عباس في معنى سكارى: أنه النعاس.
وكذلك روي عن الضحاك أنه قال: لم يعنِ الخمر، وإنما عنى به سكر النوم (٣).
قال شيخ الإسلام ـ معلقاً على قول الضحاك ـ:
«وهذا إذا قيل: إن الآية دلت عليه بطريق الاعتبار؛ أي: القياس، أو شمول معنى اللفظ العام، وإلا فلا ريب أن سبب نزول الآية كان السكر من الخمر، واللفظ صريح في ذلك، والمعنى الآخر صحيح أيضاً» (٤).
فصحَّحَ شيخ الإسلام دخول السكر من النوم أو النعاس في معنى الآية للمقايسة بينهما، والعلة هي عدم العلم بما يقول.
_________
(١) «تفسير ابن عطية» (٧/ ٤١٧)، وانظر أمثلة على التفسير بالمثال (ص٣٤٦) من كتاب: «التفسير القيم»؛ و «التحرير والتنوير» (١٣/ ٢٣٠)؛ و «تفسير ابن جزي» (٤/ ١٩٣).
(٢) «مقدمة جامع التفاسير» (ص١٥٥).
(٣) انظر قولهم في: «الدر المنثور» (٢/ ٥٤٦).
(٤) انظر: «اتباع الرسول بصحيح المنقول وصريح المعقول» (ص١٥).


الصفحة التالية
Icon