كتب الله لكم من الولد لأنه عقيب قوله: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ بمعنى: جامعوهن، فلأن يكون قوله: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ بمعنى: وابتغوا ما كتب الله في مباشرتكم إياهن من الولد والنسل أشبه بالآية من غيره من التأويلات التي ليس على صحتها دلالة من ظاهر التنزيل، ولا خبر عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم» (١).
فأنت ترى في هذا المثال أن الإمام ابن جرير قد ذكر احتمال العموم في قوله: «جميع [١٠١] معاني الخير المطلوبة» ثم خصَّ أحدهما بدلالة السياق فقال: «غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال معناه: وابتغوا ما كتب الله لكم من الولد لأنه عقيب قوله: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾».
مثال: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [عبس: ٢٠]، قيل في السبيل قولان:
الأول: خروجه من بطن أمه.
الثاني: طريق الحق والباطل، بيَّناه له وأعلمناه، وسهَّلنا له العمل به.
قال ابن جرير الطبري: «وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: ثم الطريق، وهو الخروج من بطن أمه يسره. وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالصواب؛ لأنه أشبههما بظاهر الآية، وذلك أن الخبر من الله قبلها وبعدها عن صفته خلقه، وتدبيره جسمه، وتصريفه إياه في الأحوال، فالأولى أن يكون أوسط ذلك نظير ما قبله وما بعده» (٢).
ومن أمثلة رد أحد الأقوال بالسياق؛ أي: أن في السياق ما يدل على رد هذا القول. تفسير الحسن لقوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾ [المائدة: ٢٧] قال: هما رجلان من بني إسرائيل.
ويرد عليه بسياق الآية في قوله: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ
_________
(١) «تفسير الطبري» (٢/ ١٦٩، ١٧٠).
(٢) «تفسير الطبري» (٣٠/ ٥٥).