٨ - ما يتعلق بظاهر القرآن
المراد من هذا أن ظاهر القرآن لا يجوز العدول عنه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، أو كما قال الإمام ابن جرير: «غير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن إلا بدليل» (١).
مثال: قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٥].
قال ابن جرير: «يعني بقوله جل ثناءه: ﴿وَإِنَّهَا﴾ وإن الصلاة، فالهاء والألف في «إنها» عائدتان على الصلاة.
وقد قال بعضهم: إن قوله: ﴿وَإِنَّهَا﴾ بمعنى إجابة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولم يَجْرِ ذلك بلفظ الإجابة ذكر، فتجعل الهاء والألف كناية عنه، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته» (٢).
مثال: قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ [البقرة: ١٢٨].
روى الإمام ابن جرير عن السدي أنه قال: «يعنيان العرب».
قال ابن جرير معلقاً على هذا القول: «وهذا قول يدل ظاهر الكتاب على خلافه؛ لأن ظاهره يدل على أنهما دعوا الله أن يجعل من ذريتهما أهل طاعته وولايته والمستجيبين لأمره، وقد كان من ولد إبراهيم العرب وغير العرب، والمستجيب له والخاضع له بالطاعة من الفريقين، فلا وجه لقول من قال: عنى إبراهيم بدعائه ذلك فريقاً من ولده بأعيانهم دون غيرهم إلا التحكم الذي لا يعجز عنه أحد» (٣). [١١٠]
_________
(١) و (٢) «تفسير الطبري» (١/ ٢٦١).
(٣) «تفسير الطبري» (١/ ٥٥٣).


الصفحة التالية
Icon