١١ - الترجيح بالاستعمال العربي
المراد بهذه القاعدة أن الاستعمال العربي للفظة أو الأسلوب يكون دليلاً في ترجيح أحد الأقوال على غيرها.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا﴾ [البقرة: ٦٩].
رد ابن جرير قول من قال: فاقع: سوداء شديدة السواد.
وقال: «... العرب لا تصف السواد بالفقوع، وإنما تصف السواد ـ إذا وصفته بالشدة ـ بالحلوكة ونحوها، فتقول: هو أسود حالك، وحانك، وحلكوك، وأسود غربيب، ودجوجي، ولا تقول: هو أسود فاقع، وإنما تقول: هو أصفر فاقع. فوصْفُه إياه بالفقوع، من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأول قوله: ﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ﴾ المتأول بأن معناه سوداء شديدة السواد» (١).
وفي قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [الأحقاف: ١٥].
ذكر الطبري الأقوال في الأشد، وهي:
١ - ثلاثة وثلاثون سنة، وهو قول ابن عباس، وقتادة.
٢ - بلوغ الحلم، وهو قول الشعبي.
ثم قال معلقاً على القولين، ومرجحاً لأحدهما:
«وقد بينا فيما مضى أن الأشد جمع: شد، وأنه تناهي قوته واستوائه، وإذا كان ذلك كذلك، كان الثلاث والثلاثون به أشبه من الحلم؛ لأن المرء لا
_________
(١) «تفسير الطبري»
(١/ ٣٤٥).


الصفحة التالية
Icon