١٢ - الترجيح بالسنة النبوية
لا شك أن تفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم مقدم على تفسير غيره، ولكن قد يكون في النصوص احتمال؛ فيستند المفسر على السنة النبوية لبيان الأقوى منها، ومن ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠].
أورد ابن جرير في معنى قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ قولين:
الأول: أنها بمعنى: النفي، بمعنى: ما من مزيد؛ لأنها قد امتلأت، وكأن قولها هذا من باب التأفف من هؤلاء الكفار الذي ألقوا فيها.
الثاني: أنها بمعنى: الاستزادة، وأنها تطلب مزيداً إن كان هناك مزيداً.
ورجح الطبري القول الثاني فقال:
«وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو بمعنى الاستزادة: هل من شيء أزداده؟ وإنما قلنا ذلك أولى القولين بالصواب لصحة الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما حدثني أحمد بن مقدم العجلي، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: ثنا أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا كان يوم القيامة، لم يظلم الله أحداً من خلقه شيئاً، ويلقى في النار، تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع عليها قدمه، فهنالك يملؤها، ويزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قطْ قطْ»».
ثم قال بعد أن سرد غير هذا الخبر: «ففي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟»، دليل واضح على أن ذلك بمعنى الاستزادة لا بمعنى النفي؛ لأن قوله: «لا تزال» دليل على اتصال قول بعد قول» (١). [١١٦]
_________
(١) «تفسير الطبري» (٢٦/ ١٧٠، ١٧١)، وانظر: «الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز» للعز بن عبد السلام (ص٢٧٦)؛ و «تفسير ابن جزي الكلبي» (١/ ٩).