٧ - تفسير أسلوب قرآني في آية بآية أخرى (١):
مثل قوله تعالى: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨] أي: دخولنا ذلك حطة. فهو مثل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٤] أي: موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم، فالأسلوب في الآيتين متشابه في قوله: ﴿حِطَّةٌ﴾ و ﴿مَعْذِرَةً﴾ (٢).
ومثله توضيح الالتفات في قوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٤، ٥] بقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢]، فالالتفات في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ كالالتفات في قوله: ﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ (٣).
وقال أبو الليث: وقوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ﴾ [البقرة: ٥٧] يعني: قيل لهم: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ﴾ وهذا من المضمرات، وفي كلام العرب يضمر الشيء إذا كان فيه دليل يستغنى عن إظهاره. كما قال في آية أخرى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٦] يعني: (يقال لهم: ﴿أَكَفَرْتُمْ﴾).
وكما قال في آية أخرى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ﴾ [الزمر: ٣] يعني: (قالوا: ما نعبدهم)، ومثله في القرآن كثير (٤). [٢٦]
ثانياً: تفسير القرآن بالسنة النبوية
قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]،
_________
(١) هذا ليس من تفسير القرآن، انظر حاشية (١) (ص٣٧).
(٢) انظر: «تفسير الطبري» (١/ ٣٠١).
(٣) انظر: «تفسير الطبري» (١/ ٦٧).
(٤) «تفسير القرآن» للسمرقندي (١/ ٣٥٩).