السياق جاز [٤١] حمل الآية عليها، وهذا يأتي ـ غالباً ـ في الألفاظ المشتركة، وإن كان قد يترجح إحداها. مثل تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً﴾ [التوبة: ١٠].
فقد ورد عنهم في الإِلِّ أقوال: الأول: العهد. الثاني: القرابة. الثالث: الله سبحانه. قال الطبري ـ معلقاً على هذه الأقوال ـ: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المشركين الذين أمر نبيه والمؤمنين بقتلهم ـ بعد انسلاخ الأشهر الحرم ـ وحصرهم والقعود لهم على كل مرصد، أنهم لو ظهروا على المؤمنين لم يراقبوا فيهم إلاًّ، والإِلّ: اسم يشتمل على معان ثلاثة: وهي: العهد والعقد والحلف، والقرابة، وهو أيضاً بمعنى: الله، فإذا كانت الكلمة تشمل هذه المعاني الثلاثة، ولم يكن الله خصَّ من ذلك معنى دون معنى، فالصواب أن يعم ذلك كما عمَّ بها جلّ ثناؤه معانيها الثلاثة، فيقال: لا يراقبون في مؤمن الله، ولا قرابة، ولا عهداً، ولا ميثاقاً» (١).
وإن كان اللفظ لا يحتمل إلا أحد المعاني من معاني اللفظ، فهناك ضوابط تدل على اختيار هذا المعنى دون غيره، وهي كالتالي:
١ - أن تكون اللفظة المفسِّرة صحيحة في اللغة، فلا يجوز تفسير القرآن بما لا يعرف في لغة العرب.
ومثاله: تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ٢] بأنه: حالٌّ ومقيم به، قال الطاهر بن عاشور: «وحكى ابن عطية عن بعض المتأولين: أن معنى: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ أنه حالٌّ؛ أي: ساكن بهذا البلد، وجعله ابن العربي قولاً، ولم يعزه إلى قائل، وحكاه القرطبي والبيضاوي كذلك، وهو يقتضي أن تكون جملة، ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ﴾ في موضع الحال من ضمير ﴿أُقْسِمُ﴾، فيكون القسم بالبلد مقيداً باعتبار كونه
_________
(١) «تفسير الطبري» (١٠/ ٨٥).