وترجع أهميتها إلى أنه ذكر في بعض الأسباب آيات اختلف المفسرون فيها، وبين سبب اختلافهم.
ومن أسباب الاختلاف بين مفسري السلف (١): [٦٣]
١ - الاشتراك:
وهو اللفظ الدال على أكثر من معنى في لغة العرب.
والمشترك قد يكون من أحرف التضاد، وقد لا يكون.
وإذا كان من أحرف التضاد فقد يجوز حمل الآية على المعنيين المتضادين، ويكونان بمثابة التفسيرين للآية، ويكون هذا إذا اختلف المحل.
وقد يمتنع حمل الآية عليهما معاً: ويلزم من القول بأحدهما نفي الآخر.
وإليك الأمثلة:
أـ من المشترك المتضاد الذي يجوز حمل الآية على معنييه المتضادين، ويكونان بمثابة التفسيرين للآية لفظ ﴿عَسْعَسَ﴾ في قوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: ١٧]، فقد فسر لفظ (عسعس) بأنه أقبل، وفسر بأنه أدبر، وبالأول قال ابن عباس، وقتادة، وابن جبير؛ وبالثاني قال ابن عباس، وابن زيد (٢).
ومثل هذا يجوز حمل الآية على هذين المعنيين المتضادين، فيكون لفظ ﴿عَسْعَسَ﴾ دالاًّ على أن الإقسام مراد به أول الليل وآخره، فدل على هذين المعنيين بلفظة واحدة، ولو جاء بهما بلفظيهما لكان: (والليل إذا أقبل وأدبر).
_________
(١) الفرق بين أسباب الاختلاف واختلاف التنوع والتضاد:
في أسباب الاختلاف يكون البحث عن السبب الموجب لوقوع الاختلاف بين المفسرين، أما في اختلاف التنوع والتضاد، فيكون البحث عن نوع هذا الاختلاف من حيث تنوعه أو تضاده، وإمكانية القول بالجميع على أنه تنوع، أو بأحدها بعد الترجيح على أنه تضاد.
وسبب هذا التنبيه على الفرق أنك قد تجد تكرر مسألة في المبحثين (كالمشترك).
(٢) انظر أقوالهم في: «تفسير الطبري» (٣٠/ ٧٨).