وهذا النوع قريب من الذي قبله، بل هو باب منه (١)، ومن أمثلته:
قوله تعالى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا *وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: ١، ٢].
قيل في هذه الأوصاف: هي للملائكة، وقيل: للأنجم، وقيل: للموت... إلخ.
ومثله: ﴿وَالذَّارِيَاتِ﴾ [الذاريات: ١]، ومثله: ﴿... بِالْخُنَّسِ﴾ [التكوير: ١٥].
٩ - أن يكون في الآية حرف له قراءتان (٢):
فيفسر أحدهم إحدى القراءتين؛ ويفسر الآخر الأخرى، فيختلف التأويل.
ومثاله: قوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ [التكوير: ٢٤]، ففي قوله تعالى: (ضَنِينٍ) قراءتان:
الأولى: بالضاد، ويكون المعنى: «ما هو ببخيل».
الثانية: بالظاء، ويكون المعنى: «وما هم بمتهم».
_________
(١) إذا نظرت إلى أن الوصف المذكور يحتمل أكثر من موصوف، وكان سبب الاحتمال النظر إلى صحة انطباق الموصوفات على هذا الوصف = كان الأمر في ترجيح كل هذه المحتملات من باب العموم والتمثيل، فالوصف عام يشمل عدداً من الموصوفات التي يحتملها اللفظ في الآية، ويشير إلى ذلك الطبري في ترجيحه العموم في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ [النَّازعَات: ١].
قال الطبري: «وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الله تَعَالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِالنَّازِعَاتِ غَرْقاً، وَلَمْ يُخَصِّصْ نَازِعَةً دُونَ نَازِعَةٍ، فَكُلُّ نَازِعَةٍ غَرْقاً، فَدَاخِلَةٌ فِي قَسَمِهِ، مَلَكاً كَانَ أَوْ مَوْتاً، أَوْ نَجْماً، أَوْ قَوْساً، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَالْمَعْنَى: وَالنَّازِعَاتِ إِغْرَاقاً، كَمَا يَغْرَقَ النَّازِعُ فِي الْقَوْسِ».
(٢) ظهر لي أن هذا لا يدخل في اختلاف المفسرين؛ لأنه لم يقع بينهم اختلاف في تفسير اللفظة القرآنية الواحدة، بل الاختلاف كان في لفظين قرآنيين، لكل واحدٍ منهما معنى مستقلٌّ، وهذا ليس هو سبب الاختلاف، بل هو أحد أسباب تعدد معاني الآيات القرآنية.