عطية وغيرهما، وحكمهم على مسألة في التفسير بالإجماع يدل على استقرائهم لأقوال السالفين لهم [٧٠] ثم دور الباحث بعدهم التأكد من عدم وجود المخالف، وهذا لا يكون إلا بالاستقراء كذلك.
الثاني: أن تَستقرئ أقوال المفسرين وتَستنبِط الإجماع من أقوالهم إذا لم يكن بينهم خلاف في الآية.
مسألة: بين اختلاف التنوع والإجماع:
الإجماع في التفسير قد يكون إجماعاً على لفظ، أو إجماعاً على معنى.
وفي الأول: تتفق عبارات المفسرين على اللفظ، وهذا الذي يحكيه المفسرون في الإجماع.
ومثاله: قوله تعالى: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٤].
قال ابن عطية: «أما بشرى الآخرة فهي الجنة قولاً واحداً» (١).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ [فصلت: ٤١].
قال ابن عطية: «والذِّكْر: القرآن بالإجماع» (٢).
أما في الثاني: فقد يكون المعنى واحداً، أو أكثر.
فإن كان المعنى واحداً، فقد تختلف عبارات المفسرين في بيان هذا المعنى، ويكون هذا في النوع الأول، والثاني، والرابع، من تقسيمات شيخ الإسلام، التي سبق ذكرها (٣).
وفي هذا يكون الاتفاق على المعنى، وإن اختلفت عبارات المفسرين فيه.
كالصراط المستقيم الذي سبق ذكره، فإن المعنى المراد به في كل ما قيل واحد، وهو (اتباع الدين)، ولكن العبارات اختلفت في بيان هذا المعنى، نظراً
_________
(١) «المحرر الوجيز» (٧/ ١٧٦).
(٢) «المحرر الوجيز» (١٣/ ١٢١).
(٣) انظر (ص٥٧، ٥٩، ٦١).