النوع الأول من المتواطئ:
الضمير الذي يحتمل رجوعه إلى أكثر من ذات، وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى *فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم: ٨ ـ ٩].
وقد ورد في تفسير الضمير قولان:
الأول: أنه يرجع إلى الربِّ سبحانه، قال ابن عباس (ت: ٦٨): «دنا ربه فتدلَّى» (١).
الثاني: أنه يرجع إلى جبريل عليه السلام، وهو قول الجمهور، منهم: الحسن (ت: ١١٠)، وقتادة (ت: ١١٧) والربيع (ت: ١٣٩)، والمعنى: دنا جبريل وتدلَّى (٢).
والنسبة إلى الضمير لا تختلف من ذات إلى ذات، فإذا قلت: هو محمد، وهو أحمد، وهو بكر، لا تختلف دلالة الضمير في ذاتها بسبب اختلاف هذه الذوات، فكلها تشترك اشتراكًا متساويًا في دلالة الضمير عليها، والله أعلم.
والآيات التي وقع فيها الاختلاف بسبب مفسر الضمير كثيرة، منها ما ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ [الفتح: ٩].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ *وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ [العاديات: ٦ ـ ٧].
_________
(١) نسبة هذا القول مشهورة لابن عباس، وقد أورد الطبري رواية من روايات المعراج عن أنس بن مالك، وفيها: «ودنا الجبار رب العزة، فتدلى، حتى كان قاب قوسين أو أدنى».
ومن باب الفائدة، فإن الطبري اختار القول بأن المتدلي جبريل، مع أن القول الآخر فيه صحابيان، وهذا القول لما كان محتملاً بالاجتهاد، لم يقدم قول الصحابي، وهذا محل بحثٍ.
(٢) ينظر في تخريج هذه الأقوال، تفسير الطبري، ط: هجر (٢٢: ١٤ ـ ١٥).