ولعلك تلاحظ ورود أكثر من عبارة عن المفسر الواحد، وما ذاك إلا لأنه ليس هناك اختلافٌ حقيقيٌ، وإنما هو اختلاف عبارة.
٢ - ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الذاريات: ٥٩] قولان متقاربان:
الأول: الذَّنوب، الدَّلو، وقد ورد عن ابن عباس (ت: ٦٨)، والحسن البصري (ت: ١١٠).
الثاني: الذَّنوب: السَّجْلُ، وقد ورد عن سعيد بن جبير (ت: ٩٤)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، وقتادة (ت: ١١٧).
هذا وستأتي إشارة شيخ الإسلام إلى التعبير عن التفسير عند السلف عند حديثه عن الطريق الرابع من طرق التفسير، وهو التفسير بأقوال التابعين وسأذكر هناك طرفًا من تخريجه لعباراتهم.
٣ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَاتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَاكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾ [يوسف: ٤٨].
قال الطبري: «﴿إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾، يقول: إلا يسيرًا مما تحرزونه.
والإحصان: التَّصْيِير في الحِصْنِ، وإنما المراد منه الإحراز»، ثم أورد الرواية عن السلف كالآتي:
ـ قتادة (ت: ١١٧): ما تدخرون.
ـ ابن عباس (ت: ٦٨): تخزنون، وفي رواية أخرى: تُحرزون.
ـ السدي (ت: ١٢٨): ترفعون.
ثمَّ قال ـ معقِّبًا ـ: «وهذه الأقوال في قوله: ﴿تُحْصِنُونَ﴾، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه، فإن معانيها متقاربة، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيَّنتُ» (١).
_________
(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٢: ٢٣١)، وينظر في هذه الطبعة (٤: ٥٤، ٥٦)، (٦: ٦٤)، (١٠: ٢٨)، (١٢: ٢٤)، (١٣: ٥٠، ٦١).